منقلتي وفرجاري هما هذه المرسمة: نشقها، ونحطها في هذا، ونحط فيها دبوسًا، وأذكر أني زينت هذه الأدوات الفوج الأول من الذين تخرَّجوا، وأني أخذت مقرر الهندسة من المرجع، حيث ينصُّ على أن يدرس الطلاب كذا وكذا ثم كتبته في دفتر، والدفتر موجود عندي إلى هذا الحين بخطي وفيه المقرر كله، وكانت المقررات تكتب للطلاب على السبورة.
وكان راتب المدير أول بدء المدرسة ٦٠٠ قرش، وكل رواتب الدولة تجيء للمدرسة (١٨٠) ريالًا، ورواتب مدرسة عنيزة تأتي إلينا، أما المدرسون فأنا أعينهم من عندنا، منهم صالح السليمان العمري، ومنهم واحد من جيراننا كان يتيمًا، وبدأ يقرأ علينا في المسجد فعينته ملازمًا ثم عينته بصفة دائمة.
كلهم من المواطنين، ليس فيهم أحد براني (١)، كنا نجيء بالمعلم فيتعلم ويعلم، ولما أسندت إليهم الأستاذية صار الإنسان يشرح لنفسه ويحرص كل الحرص على أن يقوي معلوماته وعلى أن يتعلم، وفعلًا تعلموا شيئًا فشيئًا، ثم صار يجلب لنا مدرسون ونقل اثنان من عندنا إلى حائل وجاءت لنا بعض القرى، وبدأ الناس يقبلون على المدرسة.
كانت الدراسة فيها لمدة ثلاث سنوات، وتسمى هذه المرحلة باسم التحضيري، ثم جاءت الابتدائية ثلاث سنوات أخرى، والذين اشتغلوا - كما سبق أن قلنا هم - من خريجي التحضيري.
[استقبال في بريدة]
زار الملك عبد العزيز - رحمه الله - مصر عام ١٣٦٤ هـ (١٩٤٦ م)، وقابل الطلاب في مصر وشاف ونظر، ثم جاء إلينا في بريدة سنة ١٣٦٦ هـ (١٩٤٧ م)، وطلعنا إليه مع الطلاب، ولما جلس في محله قدم الطلاب أناشيد
(١) (البراني): الخارجي (نسبة إلى البرِّ على غير قياس) وهو خلاف الجواني.