في الجهة الشمالية الشرقية من هذين القصرين وعلى بعد بضعة أكيال منهما وجدت قصرًا ثالثًا، بالقرب منه فرن يشبه الفرن الأول، القصر نفسه شبيه بالقصرين الأولين تقريبًا، وهذه القصور الثلاثة في وادي الجزل قبل أن يلتقي مع أودية المدينة بنحو عشرين كيلًا تقريبًا إلى الشمال من المروة.
[القنوات الهندسية]
بالقرب من هذين القصرين وفي روضة منبسطة من الأرض وجدنا قنوات سعتها تقارب الذراع، على وجه الأرض مبنية بحجارة محكمة البناء والتخطيط، حتى إنك لتنظر على مد البصر فلا ترى فيها عوجًا ولا ناتئًا، وكأنما خططها أمهر مهندسي هذا العصر الذي تقدم فيه فن الهندسة المعمارية والتخطيط، ويبلغ بعضها أكثر من الكيلو بينما يوجد قنوات عريضة بعد أن يسيح الماء على سطح الأرض، وإنها كانت تسقي مزارع هذه الروضة الكبيرة.
[المروة]
وبعد ذلك اتجهنا صوب المروة، فوقفنا السيارة على بعد كيلو أو أكثر منها، وسرنا على الأقدام، فوجدت المروة كما تصورتها من بعد، فاعلاها هرمي الشكل تقريبًا، وفيها بعض التصدع، ولونها أصفر يميل إلى البياض، وقاعدتها شبه مستديرة مغطاة بالأتربة، وحولها أحجار كبيرة قد انفصلت منها، إما بسبب القدم أو بفعل الآدميين، لأغراض صناعية إن كانت معدنية أو بنائية وهي من نوع الرخام الممتاز الذي يعمل منه المصريون بعض المنحوتات ويتخذون منه ألواح المناضد، وهو أفخر أنواع الرخام وتشبه إلى حد كبير حجارة "ظلم".
وللمروة هذه قصة تاريخية، فقد صلى الرسول عليه أفضل الصلاة