للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجتمعات بالزنادقة - أولئك البناءون الهدامون على مدى التاريخ - إلَّا الأمة العربية، فإنها لم تلد واحدًا من هؤلا المردة.

ولما قلت: إن التاريخ العربي عرف كثيرًا من هؤلاء الزنادقة والملحدين، أجابني بقوله: لا، هؤلاء مساكين، إني أعتبرهم مؤمنين أما الملحدون الذين أعنيهم فلم يخلفهم العرب".

ويقارن بين التفكير والاعتقاد وأثر كل منهما في الشعوب فيقول: "التفكير والاعتقاد حقيقتان متعارضتان، فالذين يأخذون الأمور بالاعتقاد لا يفكرون، والذين يأخذونها بالتفكير لا يعتقدون، والتفكير صورة من صور الخلق والعطاء، أما الاعتقاد فأسلوب من أساليب الاستسلام والعبودية.

وهذا هو السبب في أن المفكرين دائما أقوياء غالبون، بينما المعتقدون دائما ضعفاء مغلوبون، إن الاعتقاد ضد التفكير بقدر ما أن التقهقر ضد التقدم.

لم يقفز التطور الفكري العربي في مداه كله إلى القمة التي ينطلق منها المفكرون الأحرار المردة الهدامون (أي الزنادقة) الذين يهدمون القديم ليقيموا مكانه طورًا جديدًا من أطوار التاريخ" (١).

ثم ينقل الأستاذ عبد الله عبد الجبار عن القصيمي من الخزعبلات والأفكار الفلسفية ما ينبغي أن يتنزه العاقل عن نقله (٢).

[من القول بالتطور إلى القول بالطاقة]

في المرحلة السابقة كان القصيمي يؤمن بالتطور إلى الأكمل والأحسن ويفسر به كل شيء، وإذا وجدنا عجزا في الأحياء عن الامتداد في الحياة فمعنى


(١) الآداب - العدد السابع - السنة الثالثة - يوليو ١٩٥٥، ص ٩.
(٢) التيارات الأدبية الحديثة، ص ٣٢ - ٣٥.