للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ملامح وسمات وتأثرات]

[الجدل والحجاج المفحم]

إذا كان القصيمي في منتدى أو مجلس خاص سيطر على الحاضرين بحديثه العذب ولغته الفصحى وبشخصيته القوية وذكائه الوقاد، وعارضته الكاسرة، وحجاجه المفحم.

تراه يأخذ موقف المعلم فيسهب في الحديث لتوضيح فكرته الجديدة أو الموضوع الذي يطرحه للبحث حتى إذا اعترضته بسؤال أخذ يداورك وبدلًا من أن تكون سائلا تصبح مسئولا ويمطرك بالأسئلة المتلاحقة ولا تكاد تبدأ في الإجابة عن السؤال حتى يفاجئك بسؤال ثان فثالث فرابع، وهكذا يفحمكم ويسكتك، وهو دائما بلد المشاكل، ويثير المشكلة تلو المشكلة بأسلوب سقراطي ويلذ له أن يكون مسيطرًا على النقاش دائما، وبين حين وآخر يشد سامعيه بعبارة من عباراته القوية المركزة التي تجري مجرى الحكم والأمثال فيؤخذون ببلاغتها أكثر مما يفكرون بحقيقتها (١).

وإذا صمدت له بحجج قوية تشبث بأضعفها في تقديره وجملها مدار النقاش وترك باقيها، فهو جدلي بارع يعرف كيف يروغ ويزوغ، حتى إذا شعر بضعف موقفه - وقلما يحدث هذا - انصرف عن المجلس (٢).

[القلق والإقلاق]

وكثيرًا ما يستعمل النقاش ويحتدم ساعات متتاليات دون أن يصل إلى نتيجة فكأن مهمته أن يحرك العقول الراكدة للتفكير ولتقليب وجهات النظر ولو لم تعثر على الحقيقة.


(١) الآداب - العدد العاشر - السنة الخامسة، أكتوبر ١٩٥٧، ص ٢١١٨٠.
(٢) التيارات الأدبية الحديثة، ص ٤٤.