وما يؤخذ على القصيمي في كثير من مناقشاته في المجالس الخاصة أنه لا يرمي إلَّا إلى إثارة القلق، ومع أن إثارة القلق مطلب محبب لإحياء القوى الراكدة وتنبيه العقول الجامدة، إلَّا أنه إذا كان حركة بلا هدف كان ضئيل الجدوى إن لم يكن عقيمها.
وهذه اللاهدفية تتبين لنا حين يبسط القصيمي رأيه في العمل وعلاقته بالسعادة، فالناس - كما يرى - يحطمون سعادتهم التي بلغوها بالعمل، إن لم يجدوا ما يعملون، لأنه قد ركب في فطرتهم أن يعملوا من أجل العمل وحسب "إن الذكورة تلتقي بالأنوثة كما يلتقي النهر العاشق بالحقول المنبسطة، والناس من أجل هذا لا يعملون ليحققوا السعادة التي لا يتخيلون وإنما يعملون من أجل العمل، ولو أنهم بلغوا السعادة ولم يجدوا ما يعملون لراحوا يدمرون سعادتهم ليعودوا مرة أخرى يعملون لتحصيلها، فالسعادة ليست محصولًا بل فكرة تتحول إلى محاولة، السعادة هي العمل للسعادة حيثما تكون مفقودة والعمل ضدها لو كانت موجودة ... ".
إن القصيمي بهذا ينكر أنبل ما في الإنسانية، وهو الهدفية (١).
[أسلوبه التعبيري]
واصل الأستاذ عبد الله عبد الجبار كلامه عن القصيمي فذكر كلامًا تركناه، لأننا لا نرى ضرورة لنقله، ثم قال:
أما أسلوبه في هذه المرحلة، فقد بلغ أعلا ذروة وصل إليها فن هندسة الكلام على الأنماط العربية الرصينة التي تؤدي بدقة ووضوح وجمال.
وإذا كانت شخصية القصيمي الفكرية والفنية قد بدت بوضوح في كتابه