وبعضهم يعد الاغتصاب كاللصوصية داخلًا في الطرق الغير المشروعة عندهم، ولهذا يطلق عليها اسم (عرافة) والقائلون بهذا القول أقرب إلى الحق منه إلى خلافه، وهذا ما يظهر لك صدقه من سرد العرائف الذين نعقد لهم هذا الباب.
وقد ضربنا صفحًا عن أشياء كثيرة يطول ذكرها كمنفعة العرافة في عهد من عرفت عنده كما لو كانت مثلًا جوادًا أو هجينًا فغزا به وغنم فهل يرجع الغنم على صاحبه الأصلي أم إلى من غزا به؟ أم هل يكون لصاحبه الأصيل الربح أم لا؟ وما حقوق العارفة وكيف تجري على من حفظها وعلى أي وجه تجري المحاكمة وكيف تكون الأيمان والشهود والاستشهاد وغيرها، من الاصطلاحات المعروفة عندهم من سابق العهد وهي كلها غير مدونة في الكتب والمؤلفات إن قديمة وإن حديثة وإنما تناقلوها خلفًا عن سلف منذ العهد العهيد.
أما العرائف الذين قد أرصدنا لهم هذه الأسطر فهم رجال يعرفون بهذا الاسم من أمراء نجد ويعرف احدهم باسم (عرافة) وإنما سموا بهذا الاسم للحروب التي حدثت بين أمراء نجد في القرن الأخير، وقد استطار هذا الاسم في جزيرة العرب كلها حتى إنك إذا حللت قومًا أو نزلت دارًا أو دخلت عمرة (ندوة) وسمعت لفظة العرائف فاعلم أنه لا يراد بها إلا هؤلاء الأمراء الآتي ذكرهم، فإذا حفظت كل ذلك نقول:
[العرائف بمعنى جماعة من أمراء نجد]
لما تضعضعت أركان دولة آل سعود في نجد وأفضت بعد وفاة الإمام فيصل سنة ١٢٨٢ هـ (١٨٦٥ م) إلى أولاده الثلاثة: عبد الله وسعود (وقد توفيا) وعبد الرحمن الفيصل (١)، (وهو حي يرزق إلى اليوم) حدث بينهم شقاق أنتج حروبًا كثيرة متتالية أضرت الجميع، وفي أثناء تلك المعارك كان الأمير محمد