بقي ابن عيسى في الحجاز يعمل في الأمن، أو نحوه، ثم اشترى (مكينة) وهي الآلة الرافعة للمياه، وجعلها في نخلهم في الصباخ عام ١٣٥٠ هـ، فصارت تخرج الماء من الأرض وعجب لها الناس، بل فوجئوا بها حتى ذكر أن علي الدبيخي من أهل حويلان عندما رأى مكينة عبد الله بن عيسى التي ركبها في الصباخ لأول مرة تخرج الماء من البئر، ولم يكن الناس سمعوا بذلك من قبل، قال لجماعة من أهل حويلان كانوا جالسين بعد المغرب في النفود ترى يا ناس جاي شيء يطلع الما من القليب بلا سواني، فلم يصدقوا حتى سألوه عن اسمها فقال: اسمها المكنة أو ( .... ) لم يعرف اسمها.
وقد أحضر ابن عيسى معه شخصًا من مكة يشغلها.
وقد أصبحت (مكينة ابن عيسى) حديث الناس في بريدة وما حولها لسنوات، فكان الناس يذهبون لرؤيتها في (الصباخ) وبعضهم لا يكفيه أن يراها مرة واحدة، بل كان يذهب إليها أكثر من مرة لغرابتها على أبصارهم وبصائرهم.
وكان من بين الذين زاروها والدي، إذ خرج من بريدة إلى (الصباخ) ماشيًا وأخذني معه، وصار يعللني باحاديثه وهو إخباري قليل النظير ومن ذلك أنه كان يحدثني عن بعض النخيل التي مررنا بها، وكانت ملكًا لأناس من أسرتنا.
كنت في السابعة من العمر أو أقل من ذلك بشهور، ولما قربنا من (المكينة) أفزعني صوتها الذي كان يشتد كلما قربنا منها.
فلما وصلنا إليها وكان الناس ينزلون لها بدرج إلى حيث وضعت غير بعيدة من ماء البئر، ولكن كانت تهز الأرض بحركتها، أو هكذا خيل إليَّ داخلني الفزع فتمسكت بوالدي، ولم أقبل أول الأمر أن أنزل إليها، فقال لي والدي: