الأعلى في الإعتداد بالنفس اعتمادًا على الله، فقاوم أهل الأرض كافة وهو موقن بالنصر، موقن بأن العاقبة له، فكان له ما أيقن وكان له ما قدر، وحتى كان الأعرابي الفظ يسمع الآية الزاجرة فيصعق فرقًا من النار ويسمع الآية في الرحمة فيطير لبه شوقًا إلى الجنة.
وفي حجاجه لمنكري الخوارق والمعجزات يقول: هم ينكرون الخوارق والمعجزات فيهم الخوارق والمعجزات، وفي خلقهم وموتهم وحياتهم الخوارق والمعجزات، وفي أحقر عضو فيها وأبسط تكوين في أجسامهم توجد الخوارق والمعجزات (١).
وفي هذا النص من تكرار كلمتي (الخوارق والمعجزات) ما يفقد العبارة كل مزايا التكرار وجماله.
[الطور الثاني: طور التحرر الفكري]
في هذه المرحلة انتقل القصيمي من طور الجمود إلى طور التحرر ومن الإيمان الأعمى بالمقدسات والموروثات إلى الشك فيها، وتمحيص الصحيح من الزائف منها، ومن الاتباعية السلفية وتقديس النصوص إلى تحكيم العقل والمنطق، ومن الإيمان بالمعجزات والدفاع عنها إلى إنكارها والكفر بها، ومن الكفر بالإنسانية وبالعلم والتطور إلى الإيمان بها جميعًا.
[إيمانه بالتطور]
في الطور الماضي كان جامدًا وقافًا ورجعيًا متخلفًا، ولكنه في هذا الطور أصبح مفكرًا حرًّا يؤمن بالعلم وبالتطور، فكل شيء في نظره - دائب في طريقه الطويل بلا حيدة أو وقوف، والعالم كله حيوانه ونباته وجماده لم يزل دارجًا في