للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معجزات النبوة بين الإيمان والإنكار]

في مرحلة التدين كان القصيمي يؤمن بالمعجزة ويدافع عنها ويشير إلى كتبها المختلفة ككتاب دلائل النبوة للبيهقي، ودلائل النبوة لأبي نعيم، ويدخل في نقاش طويل مع الدكتور محمد حسين هيكل ليثبت المعجزات لا بصحة روايتها فحسب، وإنما بتعليلها تعليلا علميا أيضًا، ولنستمع إليه وهو يخاطب الدكتور هيكل، فيقول:

"هذه الكتب كلها تثبت أن الماء تارة ينبع من بين أصابعه - عليه السلام - لما أن جهده والمسلمين العطش وكانوا سفرا حتى كاد الموت يدركهم، وقد روي هذه المعجزة ممن حضروها من لا نستطيع الآن إحصاءهم.

وتارة تجد الطعام يزيد بين يديه - عليه السلام - بدعائه ورغبته إلى الله وقد صحت هذه المعجزة في أصح كتب الحديث عن رجال كثيرين ممن أكلوا منها وشهدوا ولا تتعاظمك أيها القارئ هذه المعجزة حتى تقع في إنكارها، فإن علماء الكيمياء الآن يستخلصون من الهواء والنبات ونحوه طعاما عند الحاجة والضرورة الحاكمة" (١).

أما في هذا الطور: طور هذه هي الأغلال، فأصبح يؤمن بلزوم المسببات الأسبابها وعدم تخلفها أبدًا، وفي ذلك يقول: أما تخلف المسببات عن الأسباب فهذا ما لا يكون أبدًا وإذا تم السبب وجد المسبب لا محالة، ولا يقع شيء في هذه الدنيا إلَّا إذا اجتمعت أسبابه وإذا اجتمعت أسبابه فلابد من وقوعه على كل حال" (٢).

كل شيء - في نظره - قائم على أسبابه الطبيعية وعلله الحاكمة المحكومة، وطبيعي أن هذا الإيمان بالأسباب الطبيعية التي لا تتخلف يقتضي


(١) نقد كتاب حياة محمد العبد الله بن علي النجدي، ص ٢٧.
(٢) هذي هي الأغلال للقصيمي، ص ٢٧٩.