كثر تعبير المؤرخين عن ارتداد أهل القصيم عن الدين، وقتلهم لمن عندهم من رجاله من المشايخ والمعلمين، ما عدا أهل بريدة والرس والتنومة.
وظاهر هذه العبارة أن المراد بذلك الارتداد عن الدين الإسلامي وتركه إلى دين غيره، وليس هذا بالمراد، بل هم يقولون ويعلنون أنهم لا يزالون مسلمين، وإنهم لم يرتدوا عن الدين، وأنهم لم يقتلوا من المرشدين وأهل الدين إلَّا الذين أرسلوا من قبل الحكومة السعودية ومن تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله.
فارتدادهم هو في الحقيقة ارتداد عن الخضوع للدولة السعودية وما تمثله من نقاء المعتقد من العقيدة السلفية، وما يتبع ذلك من تحكيم الشرع في كل الأمور من أول ذلك وأهمه طاعة الدولة السعودية، ومن يرشدونهم من المشايخ، وأهل الدين، وذلك ظاهر السبب وهو أن أكثرهم كأكثر الحكام في نجد كانت لهم عادات وتقاليد تطلق أيديهم فيمن يحكمونهم، يفعلون بهم ما يريدون، ويأخذون منهم من الأموال ما يشاؤون، ويحاربون من الناس من يحاربون، ويسالمون من يسالمون من دون نظر إلى مراعاة أحد كالدولة السعودية وما تسير عليه من قواعد دينية، فقد حدت الدولة من أعمالهم وألزمتهم بالحكم الشريف الذي لا يتماشى مع ما يريدونه، ومن ذلك أخذ شيء من الأموال بغير حق، والإغارة على من يريدون الإغارة عليه من غير تحديد أو تعريف إلَّا ما يريدونه ويهوونه.
وقد جعلت الحكومة السعودية لديهم رجالًا يبصرونهم بما تريد منهم أن يعرفوه، وما تريد أن يسيروا عليه من الحكم بالشرع، ونبذ العادات الموروثة، إذا كانت تتعارض معه.