بريدة آل شماس وقتل من وجد بها من أولئك الناس، فأوقع بها النقمة والبأس، وخرج غالب أهلها نايرين مع تلك الجيوش السايرين، وعرفوا أنها ليست لهم بدار مقام، فهربوا مع أولئك الأقوام، وشدوا في الانهزام، ثم بعد صدور تلك القضية وانصراف العساكر بالرزية، ضاق وسيع الفجاج على من ساعد ذلك المنهاج، وانزعجت قلوبهم أشد الانزعاج، فلم يجدوا عن الدخول في حوزة الإسلام بدا ولم يبصروا سواه قصدًا.
فأقبلوا على حجيلان يريدون الإسلام والإيمان، وأعطاهم الأمان وأجابهم إلى ذلك الشان، بعد ما شرط عليهم النكال، فكل بذلك دان وأقبلوا إليه مسرعين وحدانًا ومجتمعين، ووفدوا بلدًا بلدًا، ولم يبق إلَّا أهل عنيزة بُعدًا.
وفيها غزا ركب لأهل بريدة في أثر سعدون يطلبون الاختلاس من تلك البوادي ويريدون، فوافقوا ظهرة مع النفيثي بأرض المستوي، فكان ذلك الركب لجميع الظهرة محتوي، وقتلوا جميع الرجال وأخذوا ما معهم من الأموال، وقد كان مع تلك الظهرة لأناس من أهل المدينة مال كثير، فأمر بأدائه عبد العزيز الجليل منه والحقير، فأدَّى تامًا من غير نقص ولا تغيير، لأنها كانت أوقافًا وأحباس، فلم يرد أخذها لأولئك الناس، وإن لم يكن فيه معرة ولا بأس (١).
إنتهى كلام ابن غنام.
والتعليق على كلام ابن غنام كالتعليق على كلام ابن بشر فيما لا يحتاج إلى تعليق وهو مناعة سور بريدة الذي أقامه عليها حجيلان بن حمد الذي صمد أمام زحف تلك الجموع بما معها من المال والرجال.