والدخول على أولئك العباد، وقد صنع منتريسًا من الخشب يسمى عجلًا عند أولئك العرب، يرد الرصاص عن من فيه فلا يضره ولا يؤذيه، فلما ساقوه إلى مرقب البلد وكان في ذلك المرقب عشرة من العدد، تكلموا مع أهل المرقب وذلك أن عثمان آل أحمد استفتح وهو مع ساقة العجل وجد في الدعاء واجتهد، ورفع صوته وقال بفصيح اللسان والمقال: اللهم انصر من هو منا على الحق فأمن على دعائه أولئك الخلق وصار أهل المرقب عند سماعه من المؤمنين، فكانوا هم أهل الحق فلذا صاروا من سطوتهم مؤمَّنين، وحاولوا فيهم نكاية، فلم يحصلوا على غاية، واجتهدوا أن يدركوا إليهم وصولًا، فلم يجدوا إلى ذلك سبيلًا ورد كل منهم خاسرًا خايبًا ذليلًا وترك أكثرهم ذليلًا.
ثم بعد ذلك حمل على البلد حملة هايلة وأصبحت تلك الأمم عليها صايلة وعلى جميع أركانها جايلة، وإلى تسور الأسوار مايلة، يساقون بالسيف من أعقابهم في مسيرهم وذهابهم، فازدحموا عند السور والبروج، فلم يفوزوا منها بصعود ولا عروج، بل قطعت عندها الحناجر، وأعان الله تعالى من بها من محاصر، وكان له عونًا وناصر، فطار عند ذلك الاقتحام وهول ذلك الازدحام كثير من الروس والهام من تلك الأقوام، وانقلبوا بخيبة المقصود والمرام، من ذلك البأس والإقدام، فلم تسر إليها بعد ذلك أقدام ورجع أهل الحق بالفوز والأجر الجسيم، والعناية والقبول من الله الكريم، كما قال سبحانه في الذكر الحكيم:{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}.
وارتحلت قبائل أولئك الأحزاب والعربان عن ذلك الموضع والمكان بأمر عظيم من الخزي والهوان.
ولما سارت تلك العشاير خرج حجيلان ومن معه مسارعًا مبادر، ففاجأ