علي المقبل من أهالي بريدة رجل أنعم الله عليه وأغناه ووفقه الورع والزهد وحسن معاملة الناس، وله كثير من القصص المثالية لمداينته الفلاحين مداينة صدق وأمانة وحسن نية، حتى إنه يخرج للضواحي ويسأل هناك عن فلاح محتاج ولو كانت معاملته غير حسنة ومماطل فيعطيه ما يحسن حاله، وكانت نظريته في هذا أن لا يوجد مؤمن يماطل إلَّا إذا كان عن فقر، وكان يدرك أمواله فلا تضيع، وهذا ينم عن حسن نية الرجل الصالح وطهارة تجارته وسريرته.
ومن طريف حكاياته الحلوة أنه إذا كان أوان صرام النخل ونضج التمر يخرج لتسلم حقه من الفلاحين فلا يتذوق رطبة واحدة حتى يزنها مع حقه.
وكان يخرج للضواحي البعيدة مشيًا على الأقدام مع وجود الدابة فإذا ألح عليه أن يركب حمارًا تعفف عن ذلك مخافة الإثقال على الغير، وخوفه أن يضع الفلاح لحمارته علفًا من مزرعته أو من نصيب بهائمه.
ومن أعماله الخيرية أنه أمر ببناء مقبرة واسعة كلفته مبلغا طائلًا وأحاطها بسور من الحجر والطين ولم يعلم أحدًا أنه هو الذي دفع النفقة لأنه أحاط الأمر بالكتمان وأوصى أبناءه حين حضرته الوفاة بصيانتها.
وله أيضًا قصة سفره من بريدة إلى البكيرية وهي مسافة تقرب من الرحلة، وكان له صديق يصحبه دائمًا فسارا على أقدامهما متمتعين بالقوة والتجلد فوصلا قبل الظهر واكتفيا بحفنة حبات من الحمص، وكانت بمثابة الغداء، وكان يعتذر عن من يريد أن يضيفه مخافة أن يكلف أحدا، ولما انتهى من زيارة أصحابه قفل راجعًا هو وصاحبه فلما عرجا بطريقهما على إحدى القرى فعرف أن المقبل لا يكلف أحدًا ذبح لهما ذبيحة وأتي برأسها وأخبرهما