ورد في الوصية أن ثلثي ثمرة المقطر المذكور أي التمر من نخله قادم فيه ستة أصواع ودك لمسجد الجامع صاعين بسراج للشتاء ولمسجد الجديدة صاعين بسراج للشتاء ولمسجد أبا بطين صاعين بسراج للشتاء.
و(الودك) هو الشحم المذاب أي ما يخرج من شحم الذبيحة سواء أكانت من الغنم أم من الإبل يذاب فيخرج منه ما يشبه السمن إذا جمد، وكانوا يستصبحون بهذا الودك أي بجعله وقودا للمصابيح التي هي السرج.
ويحتاج المسجد إلى ذلك الودك لسراجه في الشتاء فقط، لأنهم في الشتاء يصلون تحت سقف اتقاء للبرد إما أن يكون في داخل مصابيح المسجد المساوية الوجه الأرض إذا كان البرد لم يستحكم بعد، أو يصلون في الطابق المحفور في الأرض وهو الخلوة إذا اشتد البرد فيحتاجون إلى سراج.
أما في غير فصل الشتاء فإنهم كانوا يصلون في ساحة المسجد وهو الفناء المكشوف الذي يكون في مقدمته، ولا يحتاجون لسراج أو في سطح المسجد ويكتفون بنور النجوم، لأن المرء في جو مثل جوِّهم الذي يكون صافيًا في الصيف يستفيد من ضوء النجوم أو القمر إذا كان الليل مقمرًا، ويلاحظ أنه قدر الودك بصاع مع أن المعروف أن الصاع مكيال معروف من الخشب يكال به الأشياء اليابسة كالقمح والشعير والذرة وأما الودك فإنه لا يكال به، ولكن ذكر الصاع هنا هو اصطلاحي، إذ يراد به ما وزنه وزنتان والوزنة تعادل كيلوا واحدًا ونصفًا على وجه التقريب.
فالصاع يزن ثلاثة كيلوات من الودك، وهذا هو المقصود منه.