والطريقة الثانية أن يغرس النخل صفًّا مستقيمًا واحدة خلف الأخرى، ولابد أن تكون الأبعاد بين النخلة والتي تليها كافية لحصول النخلة على الشمس والهواء وذلك أنه إذا فرض أن الساقي الذي عليه مقطر النخل يمتد جهة الغرب والشرق فإن النخل فيه لا يستطيع الحصول على الشمس والهواء من دون مضايقة من النخلة الأخرى إلا من جهة الشمال والجنوب.
والغالب أن تكون (مقاطر) النخل على الطريقة الأولى من النخل الكثير وعلى الثانية إذا كان عدد النخل في الحائط ليس كثيرًا.
ثم ذكر أن مصرف المقطر هذا سدس أصله، والأصل سبق أن عرفناه فيما أذكر، وأنه هو نصيب صاحب النخل، بمعني مالكه بخلاف العمارة التي هي نصيب الفلاح الذي يقوم على ذلك النخل فيقول: إن سدس مصرفه لمحمد الحمد العليط يأكله مدة حياته فقط، بمعنى أنه لا يرثه وارثه بعد موته.
وسدس أصله الآخر مصرفه لمحمد آل يحيى وهو أخو الموصي عمر العليط لأمه، وبعد موته يصرف لذريته أي ذرية محمد اليحيى، وربما كان ذلك لمعرفة الموصي بأنهم في حاجة إلى ذلك.
وينبغي أن نلاحظ أنه قال لذريته ما تناسلوا ذكورهم وإناثهم واحد، أي إن البنت لها نصيب منه مساوٍ لنصيب الرجل، وهذه طريقة حميدة كان يلجأ إليها أصحاب الأوقاف والوصايا معللين ذلك بأن المرأة تكون في بعض الأحيان أكثر حاجة من الرجل لمثل تلك المبالغ القليلة، لأن الرجل يتكسب، أو يقدر على ذلك والمرأة لا تتكسب مع أنها معرضة في تلك الأزمان للحاجة لأن زوجها أو أباها أو حتى أخاها الذي قد يكون متكفلًا بمعيشتها قد يحدث له حادث فتحتاج إلى من يقدم لها طعامها، وقد يكون معها أطفال يحتاجون أيضًا إلى مثل ذلك.