لا يمكن أن نكون رأيًا صحيحًا في هذا الأمر إلا إذا أتيح لنا أن نطلع على جميع ما كتب من وثائق حول مدايناته، بل ومبايعاته، وهذا لم يتيسر لنا الأمور منها أن الناس لم يكونوا يبالون بذلك، وإنما كانوا يكتبون وثائق المداينات اضطرارًا لحفظ الحقوق المالية، وهذا نقعنا نفعًا عظيمًا لأن تلك الوثائق هي الوحيدة مما قد يصب في مصلحة التاريخ للرجال والأشياء تتعلق بالبلاد في المنطقة.
[أول وثيقة]
إنه يمكننا الآن أن نذكر أقدم الوثائق تاريخًا التي وقفنا عليها مكتوبة عن مداينات محمد الربدي، وليست هي الأولى في حقيقة الأمر من دون شك فهي مؤرخة في شهر رجب من عام ١٢٤٥ هـ وعمر محمد الربدي آنذاك هو أربعون سنة، على وجه التقريب لأننا عرفنا أن وفاته كانت في عام ١٣٠٠ هـ وأنه عمر نحو ٩٥ سنة.
وهذه الوثيقة مهمة لنا من الناحية التاريخية.
فالدين فيها يشتمل على مائة وخمسين صاع حب أي قمح نقي، وسبعين صاع شعير وخمسة أريل، الجميع دين لمحمد الربدي على دخيل الحوطي وهي بخط عبد الرحمن بن سويلم ابن عم الشيخ القاضي عبد العزيز بن عبد الله بن سويلم قاضي بريدة، أو هو ابن أخيه.
وشهادة شاهدين ثريين معروفين لنا أحدهما مشهور عند الناس حتى بلقبه وهو الكاتب المعروف بالملا ابن سيف لجمال خطه، وعادة الناس أن يلقبوا الشخص الذي يكون ذا خط جميل بالملا واسمه عبد المحسن بن محمد بن سيف، وقد تكرر ذكره وإيراد نماذج من كتاباته في هذا الكتاب.