أفادتنا الوثائق والمبايعات والمداينات التي خلفها عمر بن سليم هذا وعددها يبلغ المئات فوائد عظيمة لم يكن يخطر بباله، ولا ببال معاصريه أنها ستكون لها أهمية غير تسجيل المبايعات وإثبات الدين أو أثبات وفائه، إذ اشتملت على أسماء أسر انقرضت، وعلى بيان أحوال أسر لم نكن نعرف - بالضبط - إلى أي فرع تنتمي من أسرة أخرى تفرعت منها.
كما أن ألقابًا لبعض الأسر أصبحت تنفر منها الآن بسبب الترف المعيشي الذي يعيشه بنو قومنا الآن، وتبين لنا من هذه الوثائق أن تلك الألقاب هي ألقاب عريقة للأسرة قد رضي بها الأسلاف ولم ينفروا منها.
كما دلتنا على قدم سكان بعض الأسر في بريدة التي كان يظن أنها حديثة السكنى فيها.
وهناك أمر مهم آخر وهو الصلات التجارية القوية بين الأثرياء من البلدتين الرئيسيتين في القصيم خلال القرن الثالث عشر: بريدة وعنيزة فتبين كيف كان التجار في إحدى البلدتين يتاجرون بالعقار ويداينون الناس في البلدة الأخرى.
ولقد ساعد المشايخ من آل سليم على حفظ الوثائق المتعلقة بهم، ومنها المداينات والمبايعات كونهم من العلماء أو من طلبة العلم والكتبة، وأئمة المساجد، وكانوا يحافظون بطبيعتهم على الكتب والأوراق والرسائل العلمية فصاروا يحافظون على الأوراق الأخرى مثل ذلك في الوقت الذي كانت فيه بعض الأسر لا تهتم بحفظ مثل تلك الأوراق، لأنها تكون مشغولة عن حفظها بما هو أهم لديها من السعي في لقمة العيش، والتغرب أحيانًا في سبيل ذلك خارج البلاد من الأمصار والبلدان الأجنبية التي لا يرجع بعض من كانوا يذهبون إليها إما رغبة فيها أو يدركهم الهلاك قبل أن يعودوا إلى وطنهم.