للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبهذا الناموس تمهدت الأرض وتهذبت وارتفعت فيها الجبال ونهضت الآكام، ووجدت السهول والسهوب والأودية، وانشقت الأنهار، وغاضت البحار وانحسرت عن الجزائر وعن هذه اليابسة التي عليها نحيا.

وبهذا التطور أيضًا وجدت أصناف النباتات والحيوانات والمعادن المختلفة، ووجدت التربة الخصبة التي تنبت لنا كل ما نشاء، ووجدت كل هذه العناصر التي لابد منها لبناء أجسامنا ولإخصاب أرضنا ولتركيب وتركب كل ما لابد لنا منه صناعيًا وطبيعيًا، إن أنفس شيء لدينا، كاللآلي مثلا، لا يمكن الحصول عليه لولا خضوعه لهذه العملية (١).

[الإيمان بالإنسانية]

ودعا إلى الإيجابية والإيمان بالإنسان، وعزا فشل الفاشلين إلى شكهم في أنفسهم وكفرهم بالإنسانية، ونجاح الناجحين إلى إيمانهم بأنفسهم وبالكفايات الإنسانية:

"انظر إلى هؤلاء الواقعين صرعى في معركة الحياة الرهيبة، العاجزين عن النهوض وعن الحياة الصحيحة ثم سلهم فردا فردا: لماذا سقطوا ولماذا عجزوا؟ تعلم أنهم سقطوا، وأنهم عجزوا لأسباب، وأن أحد الأسباب هو شكهم في أنفسهم وكفرهم بكفاياتهم الذاتية، بل كفرهم بالكفايات الإنسانية، أما الآخرون المؤمنون بالإنسانية، وبأنفسهم فينبرون لعلاج كل مشكلة وينهضون لحمل كل عبء فيصيبون مرة ويفشلون أخرى، إلى أن يصيبوا في النهاية النجاح الحقيقي الأكبر.

وهنا تصبح الإنسانية إنسانيتين: إنسانية راقية ناجحة عالمة قوية وأخرى ذليلة فاشلة جاهلة ضعيفة، وقد أصبحنا - واأسفاه من الإنسانية الأخيرة" (٢).


(١) هذي هي الأغلال، ص ٢٨٨ - ٢٨٩.
(٢) هذه هي الأغلال، ص ٢٩ - ٣٣.