للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال بعض الأحبار: يا رب كم أعصيك ولا تعاقبني فقيل له: كم أعاقبك وأنت لا تدري، أليس قد حرمتك مناجاتي.

وقيل لوهيب بن الورد: أيجد لذة الطاعة من يعصي؟ فقال: ولا من همّ بالمعصية، فرب شخص أطلق بصره فحرم اعتبار بصيرته، أو لسانه فحرم صفاء قلبه، أو آثر شبهة في مطعمه فأظلم سره، وحرم قيام الليل، وحلاوة المناجاة، إلى غير ذلك.

ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (نوم الصبحة تمنع الرزق).

ومن تأمل هذا الجنس من العقاب وجده بالمرصاد، ولا يعرف ذلك إلا من حاسب نفسه.

قال الفضيل: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي، أما من اعتبر بصحة الجسم، وسعة الرزق، وأشتغل بدنياه، فقد مات قلبه، فلا يحس بشيء من العقوبات.

قال الحسن البصري: من وسع الله عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأي له.

وفي حديث عبادة بن الصامت: (إذا أراد الله بقوم اقتطاعًا فتح لهم أو عليهم باب سخائه حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذوا بغتة فإذا هم مبلسون، أي آيسون من كل خير).

وقال تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ}.

أي لما أعرضوا عنه، وتناسوه، وجعلوه وراءهم ظهريًّا، فتحنا عليهم أبواب الرزق استدراجًا وإملاء، عياذًا بالله من مكره وأليم عقابه.

[العلم والمعرفة سبيل الخير]

إذا فهمتم هذا فأصل كل بلاء وفساد وغفلة هو الجهل في الدين الصحيح،