للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبادر إلى الأمر في الحال وآذن في جميع البوادي بالارتحال، فأقبل بنو خالد كافة وعنزة وجدوا في السير والإقبال، تعجيلًا لذلك المرام الذي لم يخطر له على بال، وقد داخله من السرور والاستيناس ما لا يعرف حدّه ولا يقاس، وقال: الآن حان الزمان أن يفي فننتهز الفرصة ونشتفي، وقد قرب أن يطلع لي بأفق نجد نجم العز والفخر والمجد.

فسار بمن معه من الحماة والكماة والأنصار يريد أهل تلك الديار، حتى ينجز منهم ما در وصار، ولسان الحال يتلو عليه ولكن لا تأمل ولا اعتبار {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}.

وحين قارب أن يلقي عصى السير والترحال ويحط عن الظهر الأثقال في أرض تلك البلدان أسرع أهل الشر والعدوان وشرعوا الأسنة على أهل الإيمان، فقتل أهل الخبراء إمامهم في الصلاة منصور أبا الخيل يوم الجمعة وهو للصلاة مريد فقطعوا منه الوريد، وقتل ثنيان أبا الخيل وقتل آل جناح رجلًا من أهل الدين مكفوف البصر وصلبوه بعصبة رجله وفيه رمق من الحياة، وقتل آل شماس أميرهم علي بن جوشان، وفعل بقية أهل البلدان مثل ذلك الفعل والشان.

ومن لطف الله تعالى بأهل بريدة وسلامتهم من الشيطان وكيده، وتوفيق الله لهم وكرامته، وحفظه لهم وعنايته، أن سليمان الحجيلاني وابن حصين وغيرهم عزموا على الردة وثبت ذلك عند حجيلان، فلما أقبلت تلك العربان بادر حجيلان إلى قتلهم فقتلوا ولم يدركوا ما أملوا ثم أرسل إلى سعدون بن عريعر أهل عنيزة على سبيل السلام والإكرام وإظهار المبادرة في الامتثال والاعتزام من عندهم من معلمة الأحكام ومفهمة التوحيد الذي خلقت لأجله الأنام، وهما عبد الله القاضي وناصر الشبلي وقالوا هؤلاء إليك قربة ومن تقرب