للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها غزا سعود حرسه الله تعالى بالمسلمين وقصد عنيزة من بلدان القصيم وحث السير في ذلك مشمرًا لا ينيخ إلَّا في الضرورة ولا يقيم، فلما وطئ في جنح الدجى من تلك البلد أرضها وقضى من صلاة الصبح سنتها وفرضها أغارت على طارفة البلد فرسانه، وطافت بفنائها شجعانه فخرج إليها من أهلها كل ذي بأس شديد واستمروا مع المسلمين في تصدير وتوريد وبذلوا من الشجاعة ما ليس فوقه مزيد، وقتل بينهم في ذلك المجال بعض من الرجال منهم من المسلمين ثنيان بن زويد وغيره، وجرى بينهم مع سعود كلام في الصلح فلم يتم المقصود ثم بعد ذلك انصرف عنهم وارتحل منهم (١).

والشاهد الثاني على سداد رأي حجيلان الواقعة التالية، التي حدثت بعد الأولى بخمس سنين أو ست، ذكرها المؤرخ عثمان بن بشر بالتفصيل في حوادث سنة ١٢٠٧ هـ وهي أن حجيلان بن حمد كان مع الإمام سعود بن عبد العزيز في غزوة وأشار برأي اتبعه الإمام من جملة آراء أمراء لم يرتض بها فكان في رأي حجيلان النجاح في الحرب.

قال ابن بشر:

فتكلم حجيلان بن حمد فقال: كلّ على ما يريد يشير، وهؤلاء المشيرون مقصدهم الغنيمة، ونحن مقصدنا عز الإسلام والمسلمين، كما يقال في الأمثال الأولى رأس الحية يا موسى) انهض بالمسلمين في ساقة هذه الشوكة فإن أظفرك الله بهم لم يقم لبني خالد (٢) بعدها قائمة، حتى الحساء بيدك، وأعطاك الله من الأموال ما هو خير مما في محلتهم، وهؤلاء الجنود رؤساء بني خالد ورجالهم وشوكتهم، فنهض سعود والجنود المسلمين وتبع ساقتهم وورد ماء


(١) تاريخ ابن غنام، ج ٢، ص ١٣٥.
(٢) يريد قبيلة بني خالد التي كانت تقاتل الإمام سعودًا في تلك الغزوة.