وقد رأيت أن أذكرها هنا لا حبا في بيان حال نظمها أو رغبة في سماع الردود عليها لمجرد الرغبة في ذلك، ولكن لكونها حدثت نتيجة حركة عقلية في وقتها إن هي من النظم القليل الذي وقفت عليه بلسان هؤلاء الذين رأوا أن مشايخهم قد تساهلوا في القيام بالواجب، ومن ثم كانت الردود عليها، وتحريك الأذهان والأفهام عند طلبة العلم والعامة في تخطئتهم أو تبرئتهم.
ولأن كتابتها وكتابة الردود عليها تدخل في باب كتابة التاريخ العلمي، أو على الأدق الجدل العلمي في القصيم في فترة من الفترات، وهي فترة تستحق الكتابة لأنها أتت بعد أن انتصرت حركة التمسك الكامل حرفا وفقها بالعقيدة السلفية وهي التي كان عليها آل الشيخ وآل سليم على الحركة الأخرى التي لا تخالفها في الأصول الرئيسية للعقيدة وإنما في بعض الفروع، ولكن السياسة دخلتها فألبستها رداء الأهمية البالغة، وهي حركة الشيخ إبراهيم الجاسر وأتباعه الذين من أهمهم الشيخ عبد الله بن عمرو، فكانوا إلى ذلك يناصرون آل رشيد ضد ابن سعود، علي حين كان المشايخ آل سليم بطبيعة تفكيرهم يناصرون آل سعود.
إضافة إلى ما عهدنا من الأهمية بالنسبة إلى معرفة الأسلوب الأدبي الذي يعبر به عن التفكير العلمي عند طلبة العلم في ذلك الوقت.
وهذه أبيات عيسى بن محمد الملاحي، قال:
ألا قل لأهل العلم من ساكني الجبل ... اجيبوا سؤال سائل لكم سأل (١)
فما حكم أهل بلدة قد أسلموا ... ثم سلموا الأمر بما دقّ وجلَّ
للمخالفين دين الرسل جميعهم ... وملتزمي أقبح الطرق والملِلْ
أعني بهم عصبة الأتراك وحزبهم ... من آل رشيد لا أطيل لهم أجل
فالله بقطع منهم عنا دابرهم ... وكل حبل منهم بالخير اتصل