أقول: الذين تمالوا على قتل ابن عبدوان صدر ضدهم حكم شرعي يلزمهم بدفع ديته، فكان منهم آل غانم، وقد نقلت صورة من ذلك الحكم في رسم (العدوان) من حرف العين.
وذكر المؤرخون أن الإمام فيصل غضب على عبد العزيز آل محمد أكثر من مرة ورأى في آخرها أن يجرب تعيين أمير من الفرع الثاني من (آل أبو عليان) وهم فرع الدريبي ثم عاد إلى تعيين محمد الغانم وهو من آل حسن.
ثم جرب تعيين أميرين من غير أهل القصيم وهما ابن إبراهيم والسديري، وكل هذه التطورات حدثت في سنين قليلة فرأى أنه لابد من أن يكون أمير القصيم شخصًا مهمًّا من أهلها قادرًا على ضبط البلاد، وإرضاء الناس فلم يجد لذلك أنسب من مهنا الصالح آل أبا الخيل.
وكان مهنا الصالح قوي الشخصية كثير المال طموحًا إلى الإمارة، بل كان يسعى إليها منذ دهر، لذلك قال الناس عندما وكلت إليه الإمارة (جاك يا مهنا ما تمنى) أي حصلت على ما كنت تتمناه يا مهنا، كما تقدم ذكر ذلك!
ولقد أثبت مهنا الصالح أنه كان رجلًا حازمًا قويًّا في إمارته يكفي أن نتذكر أنه حكم البلاد مدة إحدى عشرة سنة حكمًا قويًّا، ولكنه لم يكن قائمًا على البطش والسيطرة، واستطاع في مدة حكمه الطويلة نسبيًّا - أي بالنسبة إلى حكام ذلك العصر الحافل بالفتن والقتال والأحداث الجسيمة التي تقض مضاجع الحكام من دون بطش، أو سفك دماء، أو خارجين أشداء عليه حتى مقتله.
وكان نجاحه مضاعفًا لأنه استطاع أن يبقى في الحكم تلك المدة الطويلة مع وجود آل أبي عليان الأقوياء في إرادتهم وشجاعتهم المشهورين باستهانتهم بالموت والإقدام على المخاطر، وكانوا حكام بريدة قبله لمدة تبلغ مائتي سنة أو نحو ذلك، وقد بلغوا من الكثرة في العدد مبلغًا كبيرًا.