يقول أبو صالح: أكملنا صلاتنا، وبعد الرفع من الركعة الأخيرة رفع الإمام يديه وبدأ يقنت ونحن نؤمن من خلفه على هذا الراعي.
يقول أبو صالح: بعد التسليم من الصلاة قمنا من مصلانا وجلسنا حول النار والقهوة وتجاذب الأحاديث.
قام الراعي من عندنا فجأة ودخل بيته الشعري، وصار يستفرغ، التفت حوله أسرته، أمه وزوجته، وهما مفزوعتان مما أصابه، ذهب إلى فراشه وأحضرت أمه بعض الأدوية والماء، ولكن حالته صارت من سيء إلى أسوأ، وأغمي عليه.
ونحن مستمرون في أحاديثنا ومضيفنا يقوم ويقعد ويذهب إلى الراعي لينظر ما يجري له أخيرًا.
وما هي إلى ساعة حتى صاحت النساء، عرفنا نحن أنه قد مات.
جاءت أمه إلينا وهي تبكي، وتقول: ماذا فعلتوا بابني؟ قلنا بصوت واحد دعونا عليه بالموت، وأنت سوف ندعو عليك بالموت.
قالت: لا، لا، وهربت من عندنا خائفة وهي تنفظ شيلتها (حجابها) بيديها.
أكملنا ليلتنا عند مضيفنا وودعناه، وهو متكدر الخاطر على موت راعي مواشيه، وقلنا له: لا تحزن سوف يعوضك الله خيرًا منه راع مسلم يصلي ولا يؤذي لك أحدًا.
يقول أبو صالح: لا أعلم ما جرى لمضيفنا حيث كانت هذه الرحلة هي آخر رحلة لي مع رجالًات العقيلات، وقد تكون أيضًا آخر الرحلات للعقيلات بعدما فتح الله الأرزاق لبلادنا من كل حدب وصوب، فهذه عقوبة المكابر، عافانا الله من ذلك.
ومنهم والده أمير ضراس وائل التويجري، كان من المحبين للملك عبد العزيز آل سعود، وعندما خرج محمد بن عبد الله أبا الخيل على الملك عبد العزيز وأعلن استقلال القصيم عنه علم بأن وائل التويجري هذا قد اتصل بالملك عبد العزيز فأحضره إلى بريدة وضربه ضربة موجعًا.