ثم أدخلوني على البنت وأبعدوا عني، فسألتها وأنا أقصد الجني عن الأمر؟ فقال: أي الجني على لسانها: يا أبو إبراهيم هذولا ضيقوا عليَّ، كل يوم يجيبون ناس يقراءون عليَّ وأنا جار لك من قديم بالهباة وهي البئر القديمة التي ليس فيها ماء، أو فيها ماء لا يؤخذ منها.
وأنت جاري بوهطان، ولا جاني منك أذية، أول فنجال من قهوتك لي، قال محدثي لأنه ينثر الفنجال بالرماد ولا يسمي.
قال: فتعجبت من كلامه وقلت: وش لون؟ قال الجني: أنت أول ما تصب من الدلة وتنثره على الرماد، قال: وكان من عادته كما هي عادة الذين كانوا يوقدون على القهوة بحطب دقيق أن يروا بعض الرماد يركب الدلة، ويكون على مصبها أي فمها، لذا يريقون أول فنجال منها على الأرض.
قال الجني: واليوم أنا يا أبو إبراهيم، أبي أشاورك هو أنا أطلع من البنت أو ما أطلع!
قال ابن هبدان: فقلت له تبي شوري وإلَّا لا؟ قال: أبيه، قلت هذه بنت ما ينصد عنها وحظار بارد لأنهم كانوا وضعوها في حظار حوله نوايع الرطب - وكان الوقت صيفًا!
لكن إن بغيت إنك ترحم أهلها وتطلع فهذي مروة منك، ولعل الله يغنيك عنها ويمكنك إذا خرجت وبدا لك رأي آخر تسويه.
فقال الجني: مشكور يا أبو إبراهيم على رأيك وأشوف إن شاء الله.
قال: ثم خرج الجني وشفيت البنت ولا نعرف ما جرى بعد ذلك.