المساء والليل والفجر وصار هو الذي يُحضر له دُروُسه في منزل الشيخ قبل أن يذهب لإلقائها في الحلقة فانتفع منه.
وكان بن حميد رحمه الله معجبًا بقوة حفظه وسرعة فهمه على صغر سنه، ثم تعين مفتشًا في إدارة التعليم، فقام بوظيفته خير قيام وانتسب إلى المعهد العلمي فأخذ شهادته ثم انتسب إلى كلية الشريعة فأخذ شهادتها، وكان من دعاة الخير والرشد والصَّلاح ويصدع بكلمة الحق لا يخاف في الله لومة لائم، وآخر عمل زاوله نائبًا عن مدير التعليم ثم موظفًا بشركة الكهرباء، وله نشاط ملموسٌ في الإعلام وفي المحاضرات في المساجد والنوادي وفي كل المناسبات وبينا العيون إليه شارعة ترمقه وإذا بالمنية تواجهه أحوج ما كان تلامذته وأصدقاؤه إليه إثر حادث أليم كان حتفه بسببه، بحادث سيارة بطريق الدرعية، وقد أخرج رأسه من بابها فضربه ضربة موجعة قضت عليه، وسلم من معه، وكان ذلك في الثاني من جمادى الآخرة سنة ١٣٨٢ هـ وحزن الناس لمصابه حُزنًا شديدًا لما كان يتمتع به من صفات فذة وأخلاق عالية خلدت ذكراه ورثاه زميله عبد العزيز بن محمد النقيدان ومطلعها:
قلبٌ يئن ومقلة تتألمُ ... وأسى به فيض الدِّموعُ يترْحِمُ
والنفس بادية الشحُوب كئيبة ... حَيِّرى مصدّعة القوى تتألمُ
أرَّزَت بها الأحداث في جَرّياتها ... تنأى بها يؤذي النِّفوسَ ويُؤلم
دنيا كما شاهدت في أكفانها ... عِبَرًا تساقُ غرائبًا تتكلمُ
من كان بالأمس القريب مُنعمًا ... خَصِلا بدُنياه يتيه ويَبْسُمُ
تأتيه من حُمَم الزمان وقيعة ... ما كان فيها من بَعِيدَ يَحلم
سكر بدنياه يخَالِسُهُ الرَّدَى ... بَعُد الحياة وما به يتنعّمُ
فإذا مقاييسُ الحياة معادُه ... والمرء رهن للقضا يتحَكمُ
حقا هي الآجال حَدٌّ مُرُهَفٌ ... مهما يُعمَّرُ فالرحيل محتَّمُ
ماذا أقول وفي فوادي عَبْرة ... والعَيِّنُ بالدَّم المقرّحُ يُسجمُ