للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرأيت من المتعين على مثلي: الأخذ على يد أهل البلد، والنزول إلى هذا الرجل، والتوثق منه، ودفع صولته، حقنا لدماء المسلمين، وصيانة لعوراتهم؛ ونسائهم، وحماية لأموالهم وأعراضهم، وكان لم يعهد لي شيئا، ولكن الأمر إذا لم يدرك كان الرأي فيه: أصوبه وأكمله وأعمُه نفعًا.

إلى أن قال:

وبعد ذلك: أتانا النبأ الفادح الجليل، والخطب الموجع العظيم، الذي طمس أعلام الإسلام؛ ورفع الشرك بالله وعبادة الأصنام، في تلك البلاد، التي كانت بالإسلام ظاهرة، ولأعداء الملة قاهرة، وذلك بوصول عساكر الأتراك، واستيلائهم على الأحساء والقطيف، يقدمهم طاغيتهم (داود بن جرجيس) داعيًا إلى الشرك بالله، وعبادة إبليس.

فانقادت لهم تلك البلاد، وأنزلوا العساكر بالحصون والقلاع، ودخلوها بغير قتال ولا نزاع، فطاف بهم إخوانهم من المنافقين، وظهر الشرك برب العالمين، وشاعت مسبة أهل التوحيد والدين، وفشا اللواط والمسكر، والخبث المبين، ولم ينتطح في ذلك شاتان، لما أوحاه وزينه الشيطان، من أن القوم أنصار لعبد الله بن فيصل، فقبل هذه الحيلة من أثر الحياة الدنيا وزينتها، على الإيمان بالله ورسله، وكف النفس عن هلاكها، وشقاوتها.

وبعضهم: يظن أن هذه الحيلة لها تأثير في الحكم، لأنهم لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق، بل بلغني: أن بعض من يدَّعي طلب العلم، يحتج بقول شاذ مطرح، وهو: أن لولي الأمر أن يستعين بالمشرك عند الحاجة، ولم يدر هذا القائل، أن هذا القول يحتج قائله بمرسل ضعيف، مدفوع بالأحاديث المرفوعة الصحيحة، وأن قائله اشترط أن لا يكون للمشركين رأي في أمر المسلمين، ولا سلطان، لقوله تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمين سبيلا} (النساء: ١٤١)، فكيف بما هو أعظم من ذلك وأطم، من