أول من جاء منهم إلى بريدة محمد بن صالح بن سليمان بن فهد آل خليفة، جاء إليها من الشنانة فاستوطن بريدة، واتخذ دكانًا له في أعلى سوقها الذي لم يكن فيها سوق رئيسي غيره وأعلاه كان يسمى (القشلة) وكان دكان والدي في أخره من جهة المغرب، ودكان خالي إبراهيم الموسى العضيب مقابلًا لدكان والدي، وخالي حافظ القرآن ومحب للعلم، وكان لذلك صديقًا لمحمد الخليفة هذا.
أذكر مرة أن خالي دعا ابن خليفة هذا في بيته في شمال بريدة وكنت صغيرًا فحضرنا ودعا رجلين معه فسأله أحدهما عن معنى (خبط عشواء) المشهور وكان جالسًا في القهوة على قطعة من الزل مفروشة فوق مدة من مداد الحسا وهي حصير من القصب بعضه يفرشه الناس على الأرض ليقي السجاد رطوبة الأرض وغبارها، فصار محمد الخليفة يصف خبط عشواء يقول: إنها الناقة التي تدخل الشوكة الكبيرة في خفها فتضرب الأرض لتزيلها وهي بهذا تزداد دخولًا، هكذا صار يضرب الأرض بباطن قدمه حتى أثار الغبار من تحت السجادة.
وكان ابن خليفه هذا يعظ الناس ويذكرهم بما يحفظه من الأحاديث والآثار.
حدثني من أثق به قال: جاء رجل إلى محمد الخليفة وقال له: لقد رأيت امرأة أو قال مرأتين تخرجان نصف الليل من بيت فلان وتذهبان إلى الأثل خارج البلدة، فقال له ابن خليفة: إن هذا أمر عظيم ومعناه اتهام المرأتين بعرضهما لأن الأثل مباءة للفاسدين، ولكنه يعرف أهل ذلك البيت بالديانة والصيانة لذلك طلب من الرجل أن يكتم ما رآه ثم ترصد ابن خليفة لخروج المرأتين فرآهما تخرجان جهة الأثل ولكنهما لا تدخلان فيه وإنما تقصدان بعيرًا