"الفقه الإسلامي بحاجة إلى إعادة بعثه وتصنيفه بما يوائم هذا الوقت، فإن زمن قصر العناية على المتون الفقهية قد انتهى إن شاء الله تعالى إلى غير رجعة، وزمن التقليد أخذ ينحصر، وأتوقع أن لا يمضي وقت طويل حتى يقضي الله بمشيئته على بدعة التقليد، فالصحوة سلفية، وفقهها سلفي، والعناية بمتون السنة أولى من العناية بكلام البشر، وصرف الأوقات في تحليل عبارات الرجال.
ولقد شارك في هذه الصحوة بعد توفيق الله سبحانه وتعالى مؤسسات كثيرة وعلماء جهابذة، فالجامعات الإسلامية في هذا البلد المعطاء قامت منذ طلائع هذه الصحوة ببعث التراث الإسلامي مهتمين ببيان الحديث الصحيح من الضعيف، ولا ينسى دور بعض العلماء الذين تحملوا في ذلك عبئًا كبيرًا في تعليم الناس الفقه السلفي، المبني على الدليل البعيد عن التقليد والمذهبية، وأترك ذكر الأسماء حتى لا يفهم الحصر، لأن استيعابهم يطول.
ورأيت مشاركة مني أن أكتب بحوثًا علمية في الفقه الإسلامي أجمع فيها بين أقوال الفقهاء وأدلة المحدثين، يكون البحث فيه متناسقًا بين الأثر والنظر، ولابد للأثر من فقيه يستخرج كنوزه، ولابد للفقيه من طريقة المحدثين حتى يعرف الضعيف من الصحيح فلا يبني بناءه على شفا جرف هار، فكان هذا المشروع الذي أرجو أن يكون لبنة في هذا البناء الشامخ الذي شرع أوائل هذه الأمة في وضع أسسه وضوابطه. انتهى.
أما منهج المؤلف في البحث فقد أوضحه في المقدمة بقوله: "منهجي في هذا البحث: أنبه فيه على مسألة أخذت عليَّ في البحوث السابقة، حول خلو البحث من كلام الفقهاء المعاصرين.
فأقول: لقد فعلت ذلك عن عمد، وذلك طلبًا لعلو الإسناد إلَّا في كلام للمعاصرين لم أره للمتقدمين، فيكون مقتضى الأمانة أن أذكره لهم إذا اتجهت إلى