وفيها رعي ومورد ماء يقال له (المشوية) قليب واحدة فنزح الحجاج ماءها ونزل عبد الرحمن بن صالح الدغيثر في القليب يغرف ويحط بالدلو من الضحى إلى عقب صلاة الأخير، وإنما طلع يصلي الظهر والعصر جمعًا ثم رجع إليها.
قال: فأعجب الناس بشجاعته وصبره وكان صاحب دكان فقال أحد كبار الحجاج متعجبًا من صبره وإقدامه: يا جماعة أثر الدكاكين فيها رجال! لأنه صاحب دكان، وليس صاحب أسفار.
ومنهم دغيثر بن سليمان الدغيثر الذي قال الكلمة التي أصبحت مثلًا في بريدة وهي (تمر وماي)، وقصتها: أن دغيثرًا هذا ذهب مغاضبًا لأهله وهو صغير من بريدة إلى الكويت، واشتغل عند التاجر المشهور فيها آنذاك (ابن بحر) فتعَوَّد على الأكل الجيد فيها بالنسبة إلى عيش أهل نجد في ذلك الوقت.
وبعد سنوات طويلة عاد إلى أهله في بريدة فاحتفلوا به.
ولما كان في اليوم الثالث لوصوله كان عندهم بعض أقاربهم فلما حضر وقت الغداء جعل بعضهم ينادي بعضًا إليه، وبعضهم يقول: صكوا الباب وآخرون يؤكدون على الآخرين بعدم التأخر، وقد وضعوا (السُّفرة) ودغيثر ينتظر بالقرب منها، فلما تكامل عددهم بعد ذلك جاءوا بالغداء وهو تمر وماء.
فاستنكر ذلك (دغيثر) الذي كان معتادًا على الأرز بالسمن معه السمك والبهارات، وقال: وين فلان، هاتوا فلان، يا فلان ناد فلان على الغداء وإلى الغدا (تمر وماي) ينطق بكلمة الماء كما تعودها في الكويت (ماي)، والله ما أبقى بها الديرة ولا يوم ثم عاد إلى الكويت مع أول (حدرة) وهي القافلة التي تنحدر من نجد إلى الخليج.
والتجارة في (الدغثير) هؤلاء قديمة، فقبل راشد بن عبد الله الدغيثر الذي ذكرته كان جده - فيما يظهر - راشد بن إبراهيم الدغثير معروفًا في أول القرن