من هذا الكتاب، فتجدني في مثل هذه الحالة أتألم وأندم من حيث لا ينفع الندم، أو أتخبط في البحث عن مثل ذلك الميت أريد تعويضه به فلا أجد! ! !
ولذلك لابد لنا من الرجوع إلى الوثائق المكتوبة حيث عدم غيرها من وسائل المعرفة المكتوبة الموثقة بأحوال الماضين من بني قومنا.
والوثائق التي عنيناها لم تكتب لتكون تاريخًا، بل لم يكن يدور في أذهان من أملوها أو كتبوها أنها ستكون كذلك، وإنما هي وثائق أو لنقل إنها أوراق إثبات مداينات، أو وصايا لأموات أو أوقاف لأحياء من محبي الخير من الأحياء.
ولكنها أفادتنا فوائد عظيمة إذ عرفنا من بعضها أن أشخاصًا من ذوي الأهمية كانوا موجودين أثناء تاريخ كتابتها لكونهم من المعنيين بها أو لكونهم على الأقل - من الشهود المذكورين فيها.
وعكس ذلك كان تذكر شخصًا موصي إليه في وصية، أو وقف أوقفه شخص آخر ومع ذكره دعاء (رحمه الله) فنعرف أنه قد توفي قبل ذلك التاريخ.
وأناس تغيرت أسماؤهم وأقصد من ذلك بعض الأسر نجد في بعض الوثائق أنهم آل فلان الملقبون بكذا فنعرف تغير اسمائهم، وأناس ذكروا في الوثائق ولم نعثر من الذين عرفناهم من المعاصرين على من ينتسبون إليهم، فنعرف أنهم قد انقرضوا، أو أنهم خبا ذكرهم وقل قدرهم، والشي الذي آلمني وترددتُ فيه حتى كاد يمنعني من إيراد بعض الوثائق أن بعض الأشخاص الذين لابد لنا من ذكر أي معلومة عنهم قد ورد ذكرهم مرة أو مرات في وثائق مداينات كانوا فيها هم المدينين وليسوا الدائنين.
ومع أن ذلك أمر طبيعي في تلك العصور، وربما حتى في الوقت الحاضر، ولكن مجرد كون جد من أجداد إحدى الأسر لم يذكر اسمه، ولم يسجل في التاريخ، إلا في معرض كونه استدان من التاجر الفلاني شيئًا، أو أنه مطالب بوفاء ذلك