ببذل حليب النياق لمن يمر بهم دون أن يطلب المار بهم الحليب أما كرم الضيافة فشأنهم شأن القبائل العربية في إكرام الضيف والمحافظة على التقاليد العربية.
وقد قدم محمد بن رواف من الشام يريد مدينة بريدة ومعه تجارة أقمشة يريد بيعها في أسواق بريدة، وكان عدد الإبل التي معه تحمل البضاعة ثمانين بعيرًا ومعه اثنا عشر رجلًا يحملون السلاح لحماية المال والأرواح وهؤلاء الرماة من قبائل شتى فللقبائل العربية عادة الرفيق وهو الصاحب من القبيلة، فإذا لقي أحدًا من القبائل قل عددهم أو كثر فإن الرفيق في السفر يدعي أن هؤلاء صحبه وأنهم في وجهه ويطلب عدم التعرض لهم وكلما مر بقبيلة انتسب إليها الرفيق خلصهم من رجالها ولم يكن مع ابن رواف أحد من قبيلة الشرارات وهو يجتاز بأرضهم فجاء إليه صبي وقال يا رجل أريد أن أكون رفيقًا لك فاستصغر ابن رواف سن الصبي ورده لكن الصبي ألح على قوله قائلا: أنا بشير الأشدف الشراري أرافقك عن الشرارات وإن جاء إليك عدو غيرهم قاتلته، فقبله ابن رواف.
وفي وادي السرحان أغار عليهم جماعة طامعون فطلب بشير الأشدف الشراري بندقًا فأعطي بندقًا ورصاصًا فجلس في طريق الطامعين وأنذرهم بقتل بعير من إبلهم فلم يرجعوا فقتل بعيرًا آخر برصاصة أخرى فلم يرجعوا وأخذوا في شن غاراتهم وهنا قتل رجلًا من المغيرين فتراجع الطامعون وانكفوا من حيث أتوا فقد أدركوا أن أمامهم رجلًا راميًا وما هو إلا الصبي بشير الأشدف الشراري.
وقد بقي بشير في مرافقة ابن رواف في أسفاره من بريدة إلى الشام ومن بريدة إلى مصر اثني عشر عامًا موضع ثقة ابن رواف ثم التحق في خدمة إمارة الجوف وهو معروف بالشجاعة ولا يترك حمل سلاحه خوفًا من أن يغدر به أحد (١).