للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن تواضعه وعدم غفلته ونسيانه للماضي فإنه يذكر بسيرته حينما كان يزاول الأعمال الحرفية الشاقة لكسب لقمة العيش في العصر الذي كان أكثر أهله على قلة من المال ولا يدركون ما يسد رمقهم ويقيت عوائلهم إلَّا عن طريق الحرف والصناعة اليدوية.

وذكره لذلك لكي يتحقق منه ومن سامع حديثه شكر الله على نعمه الظاهرة والباطنة؛ فالله أحال تلك المضايقات إلى ما بالعباد من السعة والغني وتنوع الأسباب والوسائل الممكنة من تحصيل المال والاستغناء به عن النظر إلى ما في أيدي الناس وسؤالهم أموالهم.

وفقيدنا هذا كان في حياته وإلى آخر أنفاسه يكثر من شكر الله على ما هو فيه من نعم لا تعد ولا تحصى أسبغها عليه الرب المنعم الذي ما بالعباد من نعمة إلَّا وهي منه سبحانه، فهو متع بنعم من غنى النفس وتوافر المال بين يديه ومواهب الله له بالأولاد والأحفاد والتفافهم حوله، وبرهم به وقيامهم بالخدمة ومسك الأعمال لكي يتفرغ عن الأشغال في تنمية التجارة واستحصال مكتسباتها وما يلزمها من تدابير قد تشغل النفس، وتتعب البدن.

وكان قصده من تذكير الناس بما أنعم الله عليه من النعم الكثيرة والوفيرة من باب شكر الله الذي وعد بالمزيد للشاكرين والجزاء العظيم لهم لما قام في نفوسهم من الشكر والحمد والثناء له جل وعلا، ولكي يذكر الناس بما هم فيه من نعم فيشكرون الله عليها ويرعونها حق رعايتها ويستعينون بها على طاعة الله ويبذلون منها ما أمكن لذوي الفقر والمسكنة واليتم والترمل والإعانة في الكوارث والجوائح وفي المبرات الخيرية والمشاريع الإحسانية مما تكون المصالح منها عامة النفع والانتفاع فلا يكتفوا بما فرض عليهم في أموالهم وهي الزكاة، فالغموض فرض القيام به ويجب الوفاء به في حينه من غير تذكير به وحث عليه، ومتابعة في سبيل