وبعد؛ وصل الخط وصلكما الله لما يرضيه، وما ذكرتما من حمل عبدة الأوثان و ( .... ) إلى مكة وأن الذي يحملهم يعتقد كفرهم وشركهم ومع ذلك يكرمهم ويخدمهم ويأنس بهم فيكفي في بيان حال الحامل وعظم ذنبه قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} فحملهم ذنبٌ عظيم لإرتكابه ما نهى الله عنه من تقريبهم إلى حرمه، وأما خدمتهم ولين جانبه لهم وأنسه معهم فهذا أيضًا ذنب عظيم قال الله تعالى:{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} الآية، وقال تعالى {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية.
فهؤلاء جمعوا بين الركون والموادة وقد ذكر تعالى الوعيدَ على ذلك بالنار والخذلان بقوله:{وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} ونفي الإيمان عمن يواد أعداءه من المشركين، ولا خسارة أعظم من فقدان الإيمان وانتفائه، قال أبو جعفر بن جرير في تفسير قوله تعالى:{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} يعني فقد برئ من الله وبرئ منه الله بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر.
قلت: فخطير بمن يقارف هذه الأمور أن يغتر بأحوال هؤلاء المشركين فربما دخله شبهة فيلتبس عليه الحق بالباطل وربما صار هؤلاء أخص عنده، وأحب إليه من آحاد المسلمين فالخطر عظيم فإنه لا يقارف هذه الأمور إلا من لا يبالي بدينه ولو عرف قدر الدين صانه ولا باعه بالزهايد، وسلموا لنا على إخوانكم.
وبعض الرسائل التي كان يتلقاها الشيخ محمد بن عمر بن سليم من علماء آل الشيخ هي رسائل علمية، بمعنى أنها تشتمل على مباحث علمية أو مسائل ذات صبغة علمية كهذه الرسالة التي تلقاها من الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله.