للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الرحمن قاضي الرس وسليمان بن مقبل قاضي بريدة وفارس بن رميح من علماء الرس، وارتحل إلى منفوحة فحصل فتن، ولم تطل مدة إقامته فيها، فارتحل منها إلى الدرعية (١)، وصار يتردد ما بينها وبين الرياض ملازمًا العلماء في ذلك، ومن أبرز مشائخه هناك الشيخ عبد الرحمن بن حسن وابنه عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ وأجازاه بالرواية انظر إلى أن قال: ورشح مرارًا للقضاء في قري (٢)، فامتنع تورعًا منه وجلس للتدريس في مدينة بريدة فالتف إلى حلقاته طلبة كثيرون منها وما حولها، وكان حسن التعليم لطيفًا متواضعًا يحب إيصال النفع لطلابه إلى أن قال: وكان مرشدًا في مسجده الذي يؤم الناس فيه في بريدة، وقد عمره بالتدريس والإفتاء ونفع الخلق وعمدة في التوثقات بخطه المتوسط، وفي عقود الأنكحة، وكان دمث الأخلاق لا يحب المظهر حلو المفاكهة مجالسة ممتعة ومحادثاته شيقة وآية في التواضع والزهد والورع والسخاء والحلم ذا أناة وتؤدة عطوفًا على الفقراء والمحاويج مع قلة ذات يده وحينما نفى ابن رشيد محمد العبد الله بسبب الأباخيل منها إلى عنيزة (٣) أول القرن حاولوا أن يرشحوه للقضاء ببريدة فامتنع، وقد وقع في زمنه فتن وملاحم، فكان يصدع بكلمة الحق لا يخاف من أحد وأوذي في سبيل الدعوة فصبر وصابر مع قلة المساعد والمناصر، وكان ذا كلمة مسموعة محمود السيرة له مكانة الولاة والناس ولم تزل هذه حاله حتى وافاه أجله المحتوم قبل وقعة المليدا بأيام والجيوش متقابلة بين أهالي القصيم وابن رشيد والناس في رعب شديد فمرض وتوفي يوم السبت ٧ من جمادى الأولى من عام ١٣٠٨ هـ. وحزن الناس لفقده حزنًا شديدًا وصلي عليه صلاة الغائب بعنيزة (٤).


(١) يقال هنا ما قيل في العيينة، فالدرعية في ذلك الوقت كانت خرابًا يبابًا ليس فيها سكان.
(٢) الصحيح في مدينة بريدة.
(٣) ذكرنا في ترجمة الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم سبب هربه إلى عنيزة، وبذلك يعرف أن ابن رشيد لم ينفه إلى عنيزة، لأنه لم يكن لابن رشيد سلطان على القصيم آنذاك.
(٤) روضة الناظرين، ج ٢، ص ٢١٩ - ٢٢٢ (الطبعة الثانية).