همته للتزود والاستفادة في التجرد فرحل إلى الرياض فقرا على علمائه، ومن أبرز مشائخه عبد الرحمن بن حسن وابنه عبد اللطيف آل الشيخ لازمهم مدة ثم عاد من رحلته إلى بريدة فلازم مشائخه فيها ونبغ في الفقه والفرائض وحسابها، وكان حسن الخط جدًّا وعمدة في التوثيقات تعتمد القضاة في القصيم على قلمه الفائق في الحسن.
وكان يحب إصلاح ذات البين، فكان القضاة في بريدة يحيلون كثيرًا مما يشتبه عليهم ليصلح بين الخصمين فينهيها على خير ما يرام وله مكانة مرموقة ومحبة في قلوب الناس وفيه نخوة وكان والده قد فتح مدرسة في بريدة لتعليم القرآن ومبادئ العلوم فلما توفي حل محله في تعليم التلاميذ وخلفه على الإمامة في المسجد الذي توارثوا الإمامة فيه طيلة حياتهم ولا يعرف هذا المسجد حتى اليوم إلا بمسجد ابن سيف في بريدة وهو الذي كان عمر بن سليم يؤم فيه على حياة أخيه وجلس للطلبة.
وكان واعظ زمانه ولمواعظه وقع في القلوب، وكان حسن الصوت جهوري التلاوة فصيحًا مع الإدراج يلتذ سامعه رشح للقضاء فامتنع تورعًا وخوفًا من غائلته، وكان آية في الزهد والورع والاستقامة في الدين عفيفًا متعففًا مع قلة ذات يده (١)، وكان يتعيش من كتابته للكتب والمصحف فقد خط كتبًا كثيرة بقلمه النير الفائق في الحسن والضبط، وتولى الإمامة في الجامع الكبير في فترة ما بين سفر العلامة عبد العزيز بن بشر، وتولى عبد الله بن سليم وكان الناس يقصدون الجامع في رمضان لصلاة التراويح خلفه لرخامة صوته فيمتلئ المسجد رجالًا ونساء، وظل إمامًا بمسجدهم سنين حتى أقعده المرض وأرهقته الشيخوخة، وكان عامرًا مسجده في الوعظ والإرشاد والتدريس ويتفقد المتخلفين ويناصحهم ويصدع بكلمة الحق لا يخاف في الله لومة لائم ولكلامه نفوذ وشوكة وهيبة وكان مع مهنة الكتابة يجلد الكتب والمصاحف يخيطها ويكثر من التلاوة
(١) هذا غير معروف، بل المعروف عنه عكسه بأنه ثري يملك عقارًا، أدركنا بعضه مثل المقر الذي فيه المدرسة الفيصلية في بريدة.