للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد حضرت ذلك فقد جاء إلينا وتحسس علي جنب المريضة التي كانت تتألم كثيرًا، ثم قال لوالدي: نعم، فيها جنب ولابد نكويها.

فأمر بإحضار قليل من الحطب، أوقد عليه في الحوش وأخرج قضبان الكي الدقيقة من الخرقة التي كان وضعها فيها فدسها في النار وجعل يحادث والدي ينتظر أن تحمى القضبان ثم طلب قدرا أو مقرصة فأخذ باصبع يده منه (سنا) وهو السناج الذي يكون أسود على القدر الذي يطبخ به، يوقد عليه النار إيقادا فجعل يتحسس بأصبعه ما بين ضلوع المرأة يضغط عليها ضغطًا خفيفًا فإذا قالت: آه، أخذ من (سنا) القدر وخط بأصبعه خطًّا على مكان الألم وهكذا حتى انتهى من تحسس ما بين أضلاعها كلها.

ثم أخرج القضبان وهي حامية فجعل يلمس بها جلد المرأة ولا يجعلها تعتمد عليه لئلا تنفذ النار إلى ما تحت الجلد الخارجي وكواها سبع كيات دس بعدها قضبانه في التراب حتى بردت ثم مسح عنها التراب وأدخلها في الخرقة، وأراد الإنصراف فطلب منه والدي أن يتناول معه القهوة قائلا له: القهوة زاهبة، فقال: أنا ما هي عادتي اتقهوى عند اللي أكويه، وفهمت منه أنه قال: أخاف ينقص أجري، لكن أنت رفيقي ولا يخالف.

وقد شفيت المرأة من ذات الجنب مثل غيرها من الذين يتداوون من ذات الجنب بالكي، وكان الناس يثنون على (الشرياني) ويدعون له لهذا السبب.

حدثني أحد الإخوة الثقات أن امراة منهم نبت في حلقها دمل ضخم سد مجرى الطعام إلى جانب الألم الشديد، فجاءوا به إليها فلما رأها قال: هذي حالتها مستعجلة لكن ما أقدر أكويها إلا باكر، ما عندي حديدة تصلح لها، ثم أصلح حديدة على هيئة حلقه، وأحماها في النار وكواها به حيث أحاطت بهذا الجرح.

قالوا: وبمجرد أن كواها شعرت بالراحة ثم انفتح الجرح من الداخل وسلمت منه وبرأت.