قال إبراهيم أبو طامي: والضالع من أهالي الشقة بالقصيم ممن عاش في الظروف الصعبة في نجد فخرج من نجد للتجارة وصار جمالًا بين مدن الشام، وسكن حلب.
وكان كريمًا مضيافًا بيته في حلب مفتوح لكل وافد ونعمته مبسوطة لكل من رافقه في رحلاته إلَّا صادقه ومن كرمه سمي أبا الدهن لأنه كان يصب الدهن على الذبيحة إمعانا في الإكرام وكان أمينا يستودع الناس عنده نقودهم وأمتعتهم فيحفظها ويرعاها إلَّا أنه وسبحان مقلب الأحوال تغير وجه الحياة له وساعت أحواله المادية حيث مرت سنة مجدبة أتلفت الجمال التي كانت هي رأس ماله، فانقلب إلى أصحابه الذين كان يتصدق عليهم من كرمه وهو مطمئن إلى أنه سوف يلقى منهم المواساة والمساعدة ولكنه عاد خائبا لأن أولئك صاروا من المعادن الخسيسة التي تقبل على من عنده نعمة وتولي ظهرها لمن تدبر عنه الدنيا، وهم من الذين قال فيهم الشاعر:
رأيت الناس قد مالوا ... إلى من عنده المال
ومن أشد ما مر عليه أنه دخل على جمع من الناس كانت له عليهم أفضال وأيادي فلم يقم له منهم أحد وأنكروه، فجزع ودخل في غرفة كان يسكنها عند امرأة وجمع رحل جماله ووضعها على شكل قبر ونام بينها متيمما القبلة وبقي أيامًا ولكن واحدًا من الرجال الكرام ذي معدن طيب افتقده وسأل عنه صاحبة البيت فأخبرته أنه دخل ولم يخرج فولج غرفته وإذا هو مشرف على الموت فأسعفه وعالجه وقوي من عزيمته وأقرضه قيمة عشرة جمال فاستأنف عمله.
ومن توفيق الله تعالى ومن جزائه له إن شاء الله أشار عليه صاحبه الوفي بشراء قطعة أرض معينة في مدينة حلب فاشتراها وبعد مدة قصيرة وقع عليها الاختيار من قبل الحكومة الفرنسية لتكون مقرا لمحطة القطار، وقدرت