منهما في خيمته وإذا بغجرية تقف على سليمان تتراقص قائلة: ولع لي يا عقيلي، أي أشعل لي سيجارة فأراد سليمان أن يداعب الوالد فقال لها اذهبي إلى ذلك الشخص فهو الذي معه دخان ويمكن يولع لك، وكان الوالد يقرأ القرآن من مصحف في يده، أتته الغجرية فعلًا تتراقص ولع لي يا عقيلي فقال بجديته:"يا الله انقلعي بس انقلعي" وقالت له: "يا عوق رأس ما به هوي موته وحياته سوا".
وفي أحد سفرات الوالد منفردًا من بريدة إلى حائل صادف في أثناء الطريق صديقه سليمان الطعيمي متجهًا إلى حائل منفردًا أيضًا وبرفقته طفلة دون العاشرة من عمرها، وفي صباح أحد الأيام شد كل منهما على راحلته فركب سليمان راحلته وأقامها وقال لصديقه: ناولني البنت يا محمد فرفعها بين يديه وناولها لوالدها، وكان ذاهبًا بها لتبقى بحضانة والده ووالدته في حائل حيث توفيت والدتها وهي بهذا السن ولها أخ أصغر منها كان سليمان الطعيمي متزوجا من فاطمة اللاحم وأنجبت منه أربعة أولاد وبنتًا واحدة، وأثناء أحد سفراته وفي أحد الأيام توفي ثلاثة من أبناء فاطمة في ساعة واحدة بسبب أحد الأمراض الشائعة في ذلك الوقت (حصباء أو جدري) فما كان من فاطمة هذه إلا أن جهزت أبنائها الثلاثة ولفتهم بما يتوفر لديها من الخرق ودعت أحد جيرانها لرفعهم أمامها إلى المسجد ثم المقبرة، ولم يبقى لها إلا البنت المذكورة وولد اسمه عبد الله، وقد توفيت بعدهم بفترة قصيرة كمدًا عليهم.
كثيرًا عندما يسافر الوالد محمد الراشد الحميد إلى بلاد الشام يمر على حائل فيزور حمد السليمان الطعيمي والد صديقه سليمان، وفي أحد زياراته لبيت حمد هذا لمح فتاة تذكر أنها تلك التي رفعها بين يديه ليناولها بيد والدها على ظهر راحلته فخطبها من جدها وتزوجها، وهذه هي الوالدة أم عبد الرحمن، رقية السليمان الطعيمي.