بإنزال العوني في بيت قريب منه وأن يحضر مجلسه، وأغدق عليه من أنواع الضيافة والإكرام ما يتمناه أمثاله.
ولكن العوني لم يستقر طويلًا في حائل.
قال الأستاذ فهد المارك وهو من أهل حائل:
ظفر العوني من ابن رشيد بالعفو وبالمال الوافر الذي أغدقه عليه الأمير، ولكن الفتى لم تكن غايته الأساسية من مجيئه إلى أمير حائل محصورة على طلب العفو ولا على الرغبة بالمال الهائل الذي جاءه من الأمير - بل ولم يكن هدفه محصورًا على الوجاهة فيما إذا كانت هذه الوجاهة لا تتجاوز حدودًا معينة لماذا؟ لأن هذا الفتى الشاعر طموح لا يقف به طموحه عند حدود وجاهة لم يكن فيها صاحب الكلمة النافذة واللسان الناطق له - أو على الأقل يكون عند ذا الحاكم هو الوزير المفضل والإنسان الذي لا يضارعه في منزلته عند الحاكم أي من كان.
يقول الأخ سعود إبراهيم المشاري نقلًا عن والده الذي كان موجودًا في حائل - عندما قدم العوني إلى الأمير محمد بن رشيد يقول: إن العوني عندما جاء إلى الأمير محمد يطلب منه الإذن بالسفر ليغادر حائلًا بلاد الأمير - يؤكد الراوي عن والده أن الأمير قال للعوني دعك عندنا ولماذا تذهب عنا؟ فكان جواب العوني ما يلي:
أنت أطال الله عمرك لست قابلًا بأن تضعني عندك وزيرًا، وأنا لا أرضى النفسي أن أكون خادمًا.
هذه الجملة التي أجاب بها العوني الأمير تعبر لنا أبلغ التعبير عن نفسية صاحب الترجمة تعبيرًا يعطينا صورة واضحة المعالم عما تنطوي عليه نفسية العوني من طموح لا يقف صاحب هذه النفس الكبيرة دون حدود الوجاهة الوسط - أو المنزلة الوسط، إذ لو كانت همته تقف عند هذا الحد - كان بإمكانه أن يصل إلى ما يريد عند الأمير محمد الرشيد الذي كان لا يضارعه في علو الجاه والسلطان أي حاكم في تلك البقعة من الأرض.