للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وألقى الله الرعب في قلب القائد عبد الله بن الحسين، ولكنه أظهر التجلد.

ثم إن المترجم بعدما فتح الله مكة لآل سعود ووضعت الحرب الحجازية أوزارها سكن في مكة فانضمت إذ ذاك إلى الأمير فيصل بن عبد العزيز حال كونه نائبًا للملك هناك، إلى أن قال: فرأى ابن عيسى أن يكون مزارعًا فقدم إلى مدينة بريدة موطنه وذلك لمحبته لوطنه، فكانت لأول مرة يستخدمها الفلاح في بريدة ونزل في السباخ المعروف، وذلك في سنة (١٣٥٠ هـ) ثم أنه انتقل بعد ذلك إلى موضع أوسع وهو المعروف بالنقع، وكان أمير بريدة عبد الله بن فيصل صديقًا له، فبذل جهودًا في الزراعة وحصل على شيء كثير.

ثم إن الحكومة جعلته في فرع الزراعة في القصيم ثم رأت أن تجعله في قيادة النظام كمدير أمن في المنطقة الشرقية الظهران تحت إمارة سعود بن جلوي، فسار ولبث هناك ما شاء الله.

ثم رأى أن يتعاطي في الأعمال الحرة مفضلًا لها على الوظائف، وطلب من حكومته السماح له وأن تمنحه أرضًا واسعة في وطنه بريدة فحصل على أراض في الباطن في الموضع الجنوب الشرقي من مدينة بريدة واتخذها منزلًا وضيعة عظيمة تفيض على العاصمة بأنواع البراسيم والبطيخ والقثاء، وكان في كل أعماله وتنقلاته عزيزًا شريفًا وجيهًا ومهابًا ومعظمًا لما له من الهيبة وحسن التدابير، وكان صريحًا وسياسيًا لا يوقف في طرقه ومعه عزة نفس فلا يصبر على الضيم كما أنه جهوري الصوت مصقع لا يخلو من الجبروت وما زال يعمل في الحراثة ويستخدم الآلات لذلك حتى كان لديه أكبر ضيعة، ثم إنه تجاوز الثمانين من العمر وكلت قواه وضعفت بنيته ولآثار نكبة جرت عليه حدث منها شجاج في الرأس وكسر في إحدى يديه ثم أصيب بمرض ألزمه الفراش حتى توفي في هذه السنة (١).


(١) تذكرة أولي النهى والعرفان، ج ٦، ص ١١٦ - ١١٧ (الطبعة الثانية).