فكيف يتركها من لم يعرف ذلك والخير كل الخير في الإنصاف والانقياد لما جاء به الشرع ولهذا أخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن رسول الله أنه قال أعلم الناس أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس "انظر السيل الجرار ج ٢، ص ٢٩٥.
ثالثًا:
إن الحكم محل هذه اللائحة قد اعتمد في تسبيبه على (العرف) وأن هناك عرفًا بعدم التزاوج بين المتفاوتين نسبًا دون ذكر: هل هذا العرف؛ عرف صحيح معتبر أم أنه عرف فاسد لا يعتد به؟ فكما هو مقرر في مدونات الأصول بأن العرف ينقسم من حيث الصحة والفساد إلى صحيح وفاسد، فالعرف الصحيح هو (ما تعارفه الناس وليست فيه مخالفة لنص ولا تفويت مصلحة ولا جلب مفسدة، كتعارفهم إطلاق لفظ على معني عرفي له غير معناه اللغوي، وتعارفهم وقف بعض المنقولات، وتعارفهم تقديم بعض المهر وتأجيل بعضه، وتعارفهم أن ما يقدمه الخاطب إلى خطيبته من ثياب وحلوى ونحوها يعتبر هدية وليس من المهر والعرف الفاسد هو (الذي يتعارف بين قسم من الناس، وفيه مخالفة للشرع كتعارفهم بعض العقود الربوية أو ارتياد الملاهي، وغيرها مما علم من الشارع المقدس الردع منه) ويتبين مما سبق أن سقناه من النصوص الشرعية من الكتاب والسنة بأن ذلك العرف يخالف قواطع الشريعة ومقاصدها العظيمة وبالتالي فإنه عرف فاسد لا يلتفت إليه شرعًا لأننا متى ما التزمنا به وأقره القضاء الشرعي المعتمد على الشريعة فإنا بذلك نُشر عن عرفًا فاسدًا مخالفًا لقواطع الشريعة الإسلامية السمحة، فلو افترضنا أن قومًا من الناس في بلد ما قد تعارفوا على أمر قد يعد مخالفًا للشريعة لدى البعض مثل اختلاط الرجال بالنساء أو بعض المعاملات الربوية أو كشف النساء لأبناء أعمامهن - كما هو شائع في بعض مناطق المملكة - فهل يقال بأن ذلك يعد أمرًا شرعيًّا - في نظر من يرى حرمته -