للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر عجيبة رأيتها في المنام]

وهي كأني رحت لم أعنيزة وإذا أسواق المجلس والدكاكين مبنية بإسميت ومصبغة في صبغ خضر كهيئة دكاكين المسعى في مكة ونظرت فإذا صبي صغير يخطب في المجلس وأهل عنيزة كلهم حوله يستمعون ويبكون من خطبته وموعظته للناس، ويصدقونه فيما يقول لهم غير أن أكثرهم من الرجال فيه إشارات على قلة الاستجابة لمواعظه وسنه سبع سنين والناس يتعجبون من حسن كلامه فيما يقول هذا الصبي والبسام واليحيى (١) وجميع الأغنياء كلهم والضعفاء كلهم يسمعون إلى كلامه ولم يخالفهم من أهل عنيزة إلا السفهاء والأمير فإنهم يؤثرون الظلم والفساد.

ثم لما أنه قضى واعظًا للناس قاموا إليه كل الذين يؤثرون الشرع والعدل مما ذكرت وقبلوا بين عينيه وقبلوا يديه ورأسه ثم انصرف من حيث أتى واستيقظت من نومي كئيبًا حزينًا من عجيب ما رأيت ومن قرب موافقته لما جرى منهم وفي ذلك العهد وأنا (٢) شفت في اليقظة أن عنيزة من ولدت.

وقصصت رؤياي على رجل عاقل فقال هذه الرؤيا ما تحتاج إلى تأويل أن الصبي الواعظ فيهم هو الشرع المسمى واعظ الله في قلب كل مؤمن أو هو الحق والذين يحبون أنه يعمل بكلامه هم الذين يحبون الحق يقوم، وهم الذين ليس لهم أمر في البلد ولكنهم يحزنون لحزنه ويفرحون لفرحه وأهل الفساد والظلمة أضعفوه بحسب ما ركبوه من المعاصي والفساد حتى أوهنوه بينهم فصار صبيًّا والصبي ليس له قوة يمنع الظلمة من أهل الفساد والله أعلم.


(١) يعني اليحيى (آل يحيى).
(٢) هكذا فيه، وربما كان الصواب: (وأنا ما شفت) الخ.