وأصل قصته أن فهد الهتيمي من أهل بريدة وهو فهد بن سويد بن محمد الهتيمي ذهب في أول حكم عبد العزيز بن متعب بن رشيد في موضع موقعة حربية كانت بين قوم من شمر وجماعة من عنزة فوجد في مكان المعركة طفلًا عمره سبع سنوات وطفلة عمرها خمس سنوات قد ذهل عنهما أهلهما أو قتلوا كما كان يحصل كثيرًا في الوقائع عندما تكون الهزيمة على أحد الطرفين المتقاتلين من الأعراب فأخذهما ورباهما في بيته في بريدة، وعرف الولد الذي كان يعرف اسمه بمحيجين الهتيمي لكون تربَّى عنده.
أما البنت فقد عاشت سنتين ثم أصابها مرض من أمراض الأطفال وماتت، وأما الولد فإنه بعد أربع سنوات جاء قوم من عنزة إلى الهتيمي وقد أصبح عمر (محيجين) إحدى عشرة سنة وطالبوه به، وإلَّا شكوه إلى الأمير والقاضي قائلين إن هذا هو ابننا قد بلغنا أنه عندك، وأن والده من كبار القوم عندنا واسمه راشد العنزي، فقال الهتيمي: أنا لم أخذه هو وأخته طمعًا في شيء وإنما ذلك لأجل الأجر والاحتساب، فإذا كان يرغب أن يذهب معكم فلا مانع عندي من أخذه ما دام أنه تبين أنكم أهله.
ولكنهم عندما نادوا الفتى امتنع عن الذهاب معهم وأبى أن يفارق بيت الهتيمي الذي اعتبره بيته واعتبر الأطفال الذين فيه إخوانه هذا وقد اطمأن العنزيون إلى أنه في مكان طيب فتركوه في بريدة، وعندما بلغ مبلغ الرجال زوجه الهتيمي إحدى نساء القبيليات من أهل بريدة لأنها تليق به.
هذا وقد رزق محيجين بأبناء نجباء صاروا ذوي ثراء وتجارة واسعة وصار لهم صيت حتى إننا كنا نتنزه في مكان في الشمال الشرقي من بريدة كانت فيه عين ماء تجري تعرف بعين (المحيجين) لأنهم يملكونها.