قال عليّ بن طريخم فقرأتها عليه حتى وصلت إلى كلامي في (العنز) فسر بذلك لأنه كان في نفسه عليه شيء وكان العذر في ذلك الوقت مسنًا قد شاب رأسه وقد أعطى الأمير ابن طريخم خرجيته وخرج من عنده مكرمًا بسبب كونه أصاب ما في نفسه على العنز.
وكان صالح الحسن يجل ابن مشاري صاحب هذا الملقب بالعنز ويحترمه ولا يريد أن يعاقبه لسنه ولقدره.
وسبب تسميته بالعنز أن أمه ماتت عند ولادته فأعطاه أهله امرأة ترضعه مع طفل لها فكانت تهمل تغيير مهاده وهو الخرق التي تطوى على الطفل يلف بها ويربط بحبل ربطا محكما تزعم النساء أن ذلك لكي يكون قوامه مستقيمًا.
قالوا: وبلغ من إهمالها أن أصاب الدود بعض مغابن جسمه لأنها لا تتعهدها بالسرديق وهو ورق الأرطى الذي يدق حتى يصبح ناعمًا، ويوضع في الأماكن الرطبة من جسم الطفل كما توضع (البودرة) في الوقت الحاضر.
قالوا: فرأت جدته أمه في المنام وهي تقول لها ترى المرة ما خافت الله في ولدي ترى جلده (مسري) فأسرعوا إليها ورأوا صدق ما قالته أمه في الرؤيا.
فاشترى والده له عنزا وصار يسقيه من لبنها دون لبن المرأة.
قالوا: وقد ألف هذه العنز حتى صار يحبو إليها بعد أن كبر قليلًا ويمسك بثديها يرضعه، وقالت العامة: إن العنز قد عطفها الله عليه، قد صارت تأتي إليه وتقف عنده ليرضعها.