للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمرات متكررة في اليوم الواحد لضيوف يصل عددهم إلى الخمسين والستين في اليوم الواحد منهم التاجر العابر ومنهم متوسط الحال، ومنهم العاطل الذي يجد المأكل والمسكن فيستنيم للراحة والمضيف لا يمل ولا يضيق، ويستقبل كل واحد بالترحاب والابتسام والمؤانسة.

وفي وقتهم ذاك أصيبت تلك البلاد بوباء خطير صارت معه الحكومة التركية تضيّق على من يظهر عليه علائمه محاولة لمنع انتشاره، فكان من يحس به من النجديين يلجأ إلى بيت ابن مضيان فيتولى هو وزوجته تمريضهم كأحسن ما يمرض الأهل ويؤكد هذه القصة راويها سليمان التاجر الوشمي وهو رجل صالح وثقة، ويشهد بأن الزوجة تقوم بالتمريض وبغلي ملابس المرضى وكثير منهم يفقد وعيه والزوج والزوجة قائمان عليهم بصبر واحتساب لا يرجون عنه ثوابا ولا أجرا إلَّا من الله الذي سوف يجزيهم بكرمه ويدخلهم جنته التي أقسم أنه لن يجاوره فيها بخيل وهما من كرام الناس.

وظل على هذه الحال حتى تغيرت الأحوال بالعراق فخرج فارا بدينه إلى بلدته وصار بلا عمل وحين كبر ومرض لم يجد من يقدره، أو حتى يزوره من أولئك الجماعة الذين كان باسطا لهم نفسه وقد اشتدت به الحال حتى اضطر لبيع دلته ليسد أجرة بيته وهذا من زيادة الخير له إن شاء الله، وليس معنى ذلك انعدام الوفاء بين الناس فهناك الكثير ممن يرد الجميل ويذكر المعروف والكريم كريم بطبعه وهو لا يبذل الكرم يطلب جزاء، ولكنه يفعله بأريحية وبدافع نفسه الكريمة، وكل معروف أو كرم لا يضيع فما تفعلوا من خير يعلمه الله (١).

وذكره الأستاذ ناصر بن سليمان العمري بقوله:


(١) إبراهيم أبو طامي، (فصول في الدين والأدب) ص ٢٠٣ - ٢٠٤.