والخلف يقطعون بكذب دعوى النبوة بعد البعثة المحمدية، ولا يجدون في هذه الآية ما يعارض الأحاديث الواردة في انقطاع النبوة.
ومن الوجوه التي تساعدها البلاغة، وتطابق بها الآية سائر النصوص: أن يكون تنزل الملائكة من أجل الأمور التي عهد إليهم بتدبيرها {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا}[النازعات: ٥]، فإن حمل الأمر في الآية على معنى الحكم الشرعي، كانت إخباراً عن تنزلهم ليلة القدر التي أنزل فيها القرآن الحكيم. والتعبير بالمضارع لاستحضار ذلك التنزل بصورته البديعة، وهو من أحسن الطرق المعهودة في البيان.
وزعم الداعية القادياني أن حديث الترمذي:"إن النبوة والرسالة قد انقطعت" يعارض الحديث الذي يقول: إن المسيح الموعود "يوحى إليه: أن حَوِّزْ عبادي إلى الطور؛ فإني قد أنزلت عباداً لي لا يَدانِ لأحد بقتالهم".
وردت أحاديث صحيحة في نزول المسيح - عليه السلام -، ولم يجد أهل العلم بينها ويين الأحاديث الصريحة في انقطاع النبوة معارضة، والراسخون في فهم الأحاديث النبوية، العارفون بوجوه استعمال الألفاظ العربية في حدود وضعها، وعرف البلغاء من الناطقين بها يقولون: إن الأحاديث الواردة في انقطاع النبوة تنفي وقوع نبوة بعد البعثة المحمدية، ولا تتناول عيسى- عليه السلام -؛ لأن النبوة ثابتة له من قبل. ومن هؤلاء من يحمل الأحاديث على امتناع بعثة نبي بعد البعثة المحمدية على وجه عام، ويستثنى من هذا العموم عيسى - عليه السلام -؛ للأحاديث الواردة في نزوله آخر الزمان. ومن حمل النصوص الواردة في انقطاع النبوة على نفي النبوة التشريعية؛ كالملّا علي قاري، لا يقصد فتح باب النبوة غير التشريعية بإطلاق، حتى توضع دعوى