للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الشيخ المترجَم يعتمد في معيشته على الله تعالى، ثم على زراعته، فكان يعمل في فلاحته، ويأكل من كسب يديه، فإذا ذرى حَبَّ زرعه في قريته (المنسي) في فصل الربيع فإنه ينحدر مسافرًا إلى (المريدسية)، القرية التي يدرِّس فيها العالم الزاهد عبد الله بن حسين أبا الخيل، وهي قرية مشهورة من قرى القصيم، وذلك لطلب العلم عنده، وكان يصحبه زميل له يدعى رشيد آل إبراهيم بن محيميد، فيأخذان في الدراسة عند الشيخ.

وأما المترجم فإنه لا يرجع إلى قريته إلَّا إذا جفَّ التمر في رؤوس النخل وقت الصرام، وقت حلول الشمس في برج الميزان.

وأما زميله رشيد فإنه يرجع في أخر نهار الخميس ليؤم جماعة قريته في صلاة الجمعة، ثم يعود من آخر النهار.

وكان المترجم لا يتناول شيئًا من أحد، حتى من بيت المال، فلا يقبل منه شيئًا، لما هو عليه من الزهد في الدنيا.

وما زال مُجدًا في الطلب حتى صار له مشاركة في العلوم الشرعية، وقد تخصَّص بالفقه الحنبلي، ومع هذا فقد أخبرني بعض تلامذته الخاصين به بأن اطلاعه في الفقه وسط.

وفي عام ١٣٤٧ هـ عيَّنه الملك عبد العزيز قاضيًا في بلدة البكيرية، إحدى بلدان القصيم، فباشر القضاء، وامتنع من أخذ رزق عليه من بيت المال طيلة عمله الطويل فيه.

وكان متواضعًا سهلًا لطيفًا، لا يُعني بمظهره في المسكن واللباس والمعاش، فهو زاهد في زخارف الدنيا، بعيدًا عن مظاهرها.

وكان مع عمله في القضاء صارفًا همه في العلم مطالعة وبحثًا ومراجعة وتدريسًا للطلاب، لا يمل ولا يضجر من طول مجلسه.