وكان مُكبًا على المطالعة، مُحبًا لأهل الخير، ويتطلع إلى معالي الأخلاق ومحاسن الأعمال، حتى صار مثالًا فيهما مع استقامة في دينه.
وكان مع ذلك آية في الزهد والورع والعفة وعزة النفس، فإن الملك عبد العزيز رحمه الله كان قد أمر وكيل مالية بريدة أن يصرف له ٨٠٠ صاع برًا وألفي وزنة تمر وألف ريال نقدًا، أسوة بقضاة القصيم، وكان قاضيًا على البكيرية، فكان يردها ولا يقبل منها شيئًا.
وقد استمر في ملازمته لمشايخه في الأصول والفروع والحديث والمصطلح والتفسير وعلوم العربية، حتى نبغ في فنون عديدة.
وكان من دعاة الخير والهدى والرشد، وعنده غيرة عظيمة متى انتهكت المحارم، وفيه نخوة، وكان وصولًا للرحم، وكانت مجالسه مجالس علم وبحث ومتعة للجليس، وعنده نكت حسان، وكان يحب إصلاح ذات البين ما أمكن، وكان يحب الإحسان إلى الخلق في كتابة وثائقهم وعقود أنكحتهم لوجه الله.
وكان شغوفًا بكتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم، وانتفع منهما انتفاعًا كبيرًا.
وكان عازفًا عن الدنيا مقبلًا إلى الله والدار الآخرة، قليل الخلطة بالناس، لا يحب المظهر والشهرة، دمث الأخلاق متواضعًا.
وكان الملك عبد العزيز إذا زار القصيم ووصل البكيرية يزوره في منزله إكرامًا له وللعلم الذي يحمله والزهد الذي زيَّنه وجمَّله.
وحدثني بعض تلامذته بأنه لا يأكل أي شيء فيه شبهة، وكان يعتمد بعد الله على غلة الزراعة، وله بستان غرس فيه نخلًا، وكان يتولاه بنفسه.
وكان إذا أخذ في التلاوة لا يتمالك نفسه من البكاء، وإذا خطب أو وعظ بكى، وأبكى من حوله.