وكان إمام الجامع في البكيرية وخطيبه والواعظ فيه منذ أن تولى القضاء فيه بعد عزل الشيخ حمد السليمان البليهد عنها في عام سبع وأربعين من الهجرة، وتعيَّن الشيخ محمد بن مقبل خلفًا له، وكانت القرى المجاورة للبكيرية تتبعها.
وظلَّ في قضائها وإمامة جامعها والخطابة فيه، وكذا كان قائمًا بالوعظ والتدريس إلى قبيل وفاته، ففي شعبان من عام ستين من الهجرة صدر الأمر الملكي بتعيينه قاضيًا بعنيزة، وإعفاء الشيخ عبد الله بن مانع من القضاء، وبعث الملك ساعيًا إليه برسالة، وفيها:(لقد عيَّنّاك قاضيًا في عنيزة وجعلنا مكانك عبد العزيز بن سبيل في البكيرية) فلمَّا قرأ كتاب الملك قال: الحمد لله على السلامة من ولاية قضاء البكيرية، ولا بعد الثمانين قضاء، وحاول أعيان مدينة عنيزة مع الملك تثنيته، ولكنه صمَّم على الإستعفاء.
واستمرَّ على عبادته وزهده وورعه في هذه القرية حتى توفي فيها.
ويذكر من زهده وورعه الشيء الكثير، ومن ذلك ما قاله الشيخ محمد بن سليم وهو يحدث عن المترجم، بأنه كان في طول حياته لم يتناول شيئًا مما جعل للقضاة من التمر والحب، وأن الشيخ عمر بن سليم حاول معه أن يتسلم ذلك، ويفرقه في فقراء آل مقبل، فقال له: إن فقراء آل مقبل لهم الله تعالى.
وأنه حجَّ في إحدى السنين فعلم بحجّته الملك عبد العزيز، فأرسل إليه كسوة ونفقة فردّها، وأنه لمَّا مات قال الملك عبد العزيز: مات أخر أهل الزهد والورع (١).
انتهى كلام الشيخ عبد الله البسام.
أقول: وجدت بيانًا بخط الدكتور عمر بن الشيخ محمد بن سبيل يذكر فيه المشايخ الذين أخذوا عن الشيخ محمد بن مقبل نقلًا عن عمه الشيخ القاضي